التأمت هيئة محكمة الجنايات في الشمال برئاسة القاضي داني شبلي، وعضويّة المستشارَين القاضيَين رنا شلالا وماريو عقيقي، في حضور ممثّلة النيابة العامة التمييزية القاضية ماتيلدا توما، وذلك في أوّل جلسة علنيّة حيث باشرت الهيئة بمحاكمة مارون يونس، المتّهم بقتل المغدورة أليدا وهبة خوّام؛ داخل كنيسة مار الياس في محلّة الحمَيص- مزيارة في قضاء زغرتا بتاريخ 17/11/2019.
وحضرَ عن الجهة المدّعية وكيل عائلة المغدورة (زوجها خليل خوّام وولداها مارك-أنطوني وجورجيت) المحامي زياد البيطار، كما حضرَ المحامي ميشال عطالله بوكالته عن أبرشية طرابلس المارونية المدّعية أيضًا على المتّهم، كون الكنيسة المُشار إليها تقع ضمن نطاقها الأبرشي، والضحيّة قُتلت داخل الكنيسة.
وقد أُحضرَ المتّهم يونس ومَثُلَ أمام هيئة المحكمة مخفورًا من دون قيد، في حضور وكيل الدّفاع عنه المحامي بادي يعقوب. وقبل الاستجواب النّهائي للمتّهم، تلا القاضي شبلي ملَخّصًا عن القرار الصّادر عن الهيئة الإتهاميّة في الشّمال، الّذي نصّ على إيجاب محاكمته أمام محكمة الجنايات، سندًا إلى الجناية المنصوص عنها في المادّة 549 من قانون العقوبات، وجنحة المادّة 73 من قانون الأسلحة والذّخائر؛ وإتباع الجنحة بالجناية للتّلازم.
وردًّا على أسئلة هيئة المحكمة، نفى المتّهم ما ورد في إفاداته السّابقة خلال التّحقيقات الأوّليّة والتّمهيديّة أمام قاضية التّحقيق الأولى في الشّمال سمرندا نصار وفي مَحاضِر قوى الأمن الداخلي، مدّعيًا أنّه أحضر البندقيّة إلى داخل الكنيسة لتهديد المغدورة وإخافتها فقط، نافيًا نيّة القتل العمد، وذلك على خلفيّة مطالبتها إيّاه مرارًا بتسديد بدل سكنٍ مأجور تابعٍ لوقف الكنيسة؛ علمًا أنّ الضحيّة كانت عضوًا في لجنة الوقف.
ولم يجب المتّهم على سؤال الهيئة حول عدد الطّلقات النّاريّة الّتي أطلقها من بندقية الصيد (من نوع remington) الّتي كانت بحوزته، وأدّت الى مقتل أليدا على الفور، كما أنكر نيّته محاولة قتل كاهن الرّعيّة الأب شارل سليمان الّذي كان يرأس القدّاس الإلهي يوم وقوع الجريمة.
وذكر أنّه حضرَ إلى الكنيسة للمشاركة في القداس، وبقي فيها إلى ما بعد عظة الكاهن الّتي تضمّنت كلامًا وإهانات موجّهة إليه، على حدّ زعمه، مشيرًا الى أنّه لم يعد يذكر مضمون هذا الكلام المهين بحسب رأيه ، ما دفعه إلى مغادرة الكنيسة ثمّ العودة بعد انتهاء القدّاس وبحوزته البندقيّة، أداة الجريمة. وأفاد بأنّه لم يعد يذكر عدد الأشخاص المتواجدين في الكنيسة، كما لا يذكر مضمون إفاداته الأوّليّة وهي غير صحيحة، وأنّ شخصًا لم يعد يذكر مَن هو سدّد له ضربتَين على رأسه، ما أفقده الوعي، فانطلق الرّصاص من البندقية تلقائيًّا وأصاب المغدورة فأرداها.
وبسؤال الهيئة عن سبب وجود سبع طلقات داخل جَيب سترته، نفى الأمر، كما أنكر مضمون إفادات عدد من الشّهود الّذين أكّدوا إطلاقه للنّار بشكل مباشر على الضحيّة في ظهرها، وأنّ لا شاهد لديه يعاكس إفاداتهم.
وبسؤال ممثّلة النّيابة العامّة حول " التّلقيم" المسبق للبندقيّة قبل العودة إلى الكنيسة وعدد الطّلقات فيها، أجاب المتّهم بأنّه لم يقم بتلقيمها ولا يعرف عدد الطّلقات، مفيدًا بأنها من نوع "حَب طخين"، وأنّه يستخدمها للذّهاب إلى الصّيد.
وبسؤال الجهة المدّعية عن وجود خصومة بينه وبين المغدورة، وهل من رابطة سبَبيّة لجريمة القتل متمثّلة بالقرار القضائي الصّادر في حقّ شقيقه بقضيّة اختلاس أموال من صندوق وقف الكنيسة، أجاب ألّا عداوة بينه وبين المغدورة، وأنّه لم يحاول قتل كاهن الرّعيّة بل كان يريد فقط إخافته، علمًا أنّه تلقّى ثلاثة إنذارات بإخلاء المأجور.
وبسؤال وكيل أبرشيّة طرابلس المارونيّة المحامي عطالله عن مكان وقوفه داخل الكنيسة قبل إطلاق النار على المغدورة، أجاب بأنه لم يذكر أين كان يقف.
وعن سؤال جهة الدّفاع حول تلقّيه ضربة على رأسه، أجاب أنّه تلقّى ضربةً من الأمام وأخرى من الخلف، ولا يعرف من ضرَبه وأنّه كان على مسافة نحو مترين من الضحيّة، وأنّه حضر إلى الكنيسة بهدف إنهاء الخلاف القائم حول بدل الإيجار؛ الأمر الّذي ناقضَ كلامه استجواب هيئة المحكمة له.
وفي ختام الجلسة، استمهلت الجهة المدّعية الممثَّلة بالمحامي البيطار الهيئة للاستماع إلى مزيد من الشّهود، فوافقت الهيئة كما النّيابة العامّة على تقديم مذكّرة خلال 15 يومًا وإجراء المقتضى المطلوب، فيما طلبت جهة الدّفاع الممثّلة بالمحامي يعقوب إبراز مستندات طبيّة تفيد عن تناول المتّهم لأدوية مهدِّئة للأعصاب، كونه يعاني من مرضٍ نفسي، ثمّ تُليت على المتّهم إفادته فأيدها؛ وأُرجئت الجلسة إلى الثّامن من شباط المقبل.
تجدر الإشارة إلى أنّ الجريمة وقعت يوم الأحد 17 تشرين الثّاني من العام 2019، أي قبل أربع سنوات، عندما دخل القاتل الملقّب بـ"زعيم مزيارة" إلى كنيسة البلدة من الباب الخلفي، وأطلق النّار على الضحيّة عندما كانت ترتّل وإلى جانبها إبنتها وزوجها الآتي من أفريقيا حيث مكان عمله وعدد من أبناء القرية، فأطلق النّار عليها على مرأى من الحاضرين، ثمّ استدار نحو كاهن الرّعيّة مهدّدًا أيّاه بعبارة "هيك بدكن... هيك"؛ قبل أن يتمكّن عدد من الأشخاص من انتزاع البندقيّة من يده.