يوم السبت في 11 تشرين الثاني بدّل الجيش الإسرائيلي من المشهد جنوباً بعد قيام مسيرة معادية باستهداف سيارة في أحد البساتين في منطقة البراك في منطقة الزهراني" على الساحل اللبناني، وعلى مسافة نحو 45 كيلومترا من شمال الحدود الاسرائيلية، فكانت الضربة الأولى في هذا العمق التي لم تستهدف فقط "شاحنة"، بل استهدفت قاعدة أساسية من قواعد الردع التي كانت سارية المفعول منذ 8 تشرين الأول الماضي. بعد هذا الاستهداف كان لا بد لحزب الله أن يرد بقسوة، الاحد في 12 تشرين الثاني، فتغيرت كل ظروف المعركة.
لم يكن رد حزب الله نهار الأحد الماضي عادياً، فاستهدف تجمعات للجنود، ومجموعات لوجستية كانت تعمل على خطّ إعادة وصل بعض ما انقطع من خطوط التجسس والمراقبة، وشاحنة كبيرة على متنها جرافة، ويومها وبحسب ما أشار الإعلام الاسرائيلي، الذي يتحفظ عادة عن نشر الأرقام الحقيقية للقتلى والجرحى، سقط 30 اسرائيلياً بين قتيل وجريح، فاشتدّ الضغط الإعلامي والسياسي على اسرائيل، بحسب مصادر متابعة، التي تشير الى أن أحداث يوم الأحد الفائت أدّت لاتخاذ الحكومة الاسرائيلية المصغرة قراراً بالرد الواسع داخل لبنان تلك الليلة.
يومها وصلت الى حزب الله معلومات بخصوص الرد الاسرائيلي والنية بتوسيع الهجوم، تقول المصادر عبر "النشرة"، مشيرة الى أن الحزب في ذلك الوقت كان على جهوزيّة، والتحضيرات لم تكن عسكرية فقط، بل مدنية ولوجستية أيضاً، حيث تكشف المصادر أن الحزب طلب إخلاء منازل في القرى القريبة من الحدود، وأعدّ العدة داخل كل مراكزه، وفي لكن الرد الأسرائيلي لم يحصل.
كانت الحرب منذ أسبوع قريبة جداً من التوسع، لولا تواصل وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالنت، السبت والأحد ايضا، ونقل القرار الأميركي بعدم الرغبة بالتصعيد مع حزب الله، لأنه قد يؤدي إلى حرب إقليمية.
ما قبل نهاية الاسبوع الثاني من تشرين الثاني، كانت نسبة اندلاع حرب كبرى في لبنان تلامس الصفر لدى قيادات حزب الله، تقول المصادر عبر "النشرة"، مشيرة الى أن ما بعدها ليس كما قبلها، فالمشهد تغير بالنسبة للحزب الذي بات يتحدّث صراحة عن احتمال كبير لتوسع الحرب، وما لم يكن وارداً منذ أيام أصبح وارداً جداً اليوم.
تكشف المصادر أن التصعيد الذي يقوم به حزب الله على الحدود وكثافة الاستهداف اليومي للمواقع الاسرائيلية وتجمعات الجنود، والذي ترافق مع ارتفاع منسوب التعنّت الاسرائيلي في مقاربة صفقة التبادل مع حركة حماس، ورفض أي هدنة إنسانية في القطاع، يزيد من مستوى الضغط داخل الكيان، ما يرفع نسبة حصول التصعيد، وفي هذا السياق وصلت إجراءات حزب الله الاحترازية هذا الأسبوع الى بيروت للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات على الحدود الجنوبية، دون أن تدخل المصادر في ماهية هذه الإجراءات.
وتُشير المصادر الى أن ارتفاع منسوب حالة الطوارئ لم تقتصر على إجراءات حزب الله في لبنان، بل وصلت الى سوريا أيضاً، وهذا ما يؤشر الى أن المعارك في الجنوب مرشحة للتصعيد اكثر، مع ما يحمل ذلك من احتمالات توسع المعركة.
لا يزال الأميركي معارضاً لتوسع الحرب، لكن في الكيان أصبحت الحرب قاب قوسين أو أدنى، وبالتالي ترى المصادر أن التنفيذ يبقى "رهن القرار الأميركي"، أو "ارتفاع منسوب الجنون الاسرائيلي"، الذي يتزايد كلما ازداد حجم الخسائر التي يوقعها حزب الله بالاسرائيليين جنوباً.