لطالما كانت الابتكارات الجديدة محل تقدير لما تقدمه للبشرية من فوائد وإيجابيات، ولطالما كان اللبنانيون مشاركين بابتكارات هامة غيّرت حياة البشر في العالم، كالمخترع حسن كامل الصباح الذي لقّب بـ"إديسون الشرق" نسبة لاختراعاته في مجال الكهرباء، ولكن ليست كل الابتكارات جيدة، فاليوم في لبنان مبتكرون قرّروا استخدام "أفكارهم النيّرة" في التشليح والسرقة.
عادة ما تكون طريق المطار واجهة الدولة، لكنها في لبنان "مصيدة" للمواطنين، حيث باتت، بحسب مصادر أمنيّة، مرتعاً للمشلّحين والسارقين الذي يخترعون وسائل سرقة جديدة، متكّلين على الظلام الدامس الذي يلفّ المنطقة خلال الليل، وغياب كاميرات المراقبة عن نقاط كثيرة.
آخر إبداعات اللصوص، بحسب المصادر، كانت منذ أسبوعين، نهار الاربعاء، حيث كان يمر أحد الشبان على دراجته النارية في محلة طريق المطار قرب مفرق ملعب "العهد الرياضي"، فاستوقفته سيارة تركن الى جانب الطريق للاستدلال منه على الطريق، فاقترب منها للمساعدة ، فوجد المسدس مصوباً الى رأسه، متوافقاً مع سؤال سريع "شو معك مصاري".
بعد تفتيش الشاب وجدوا مبلغ 2500 دولار أميركي كان بحوزته لشراء بضائع لعمله، فسرقوه وفروا في السيارة التي لم تكن "منمّرة".
بالقرب من هذه النقطة على طريق المطار بأمتار قليلة، قرب محطة محروقات مواجهة لتجمع المدارس بالجهة المقابلة، تعرض قبلها بأسبوع أحد الشباّن على دراجته الناريّة الى عملية تشليح مبتكرة، إذ رشّ المسلحون عليه، خلال قيادته الدراجة، مادة حارقة في العيون، ما اضطره للتوقف جانباً، فسلبوه دراجته النارية وفرّوا.
"في سنّ الفيل كانت العملية مبتكرة اكثر" تقول المصادر، إذ تنكّر شخصان بلباس "شرطة بلديّة المنطقة المذكورة" في الأسبوع الأول من الشهر الجاري، وأوقفا أحد العاملين في مجال التوصيل بشركة "توترز"، فطلبا أوراق تسجيل دراجته وأبلغاه بأنهما مضطران لحجز الدراجة، وطلبا منه إفراغها من محتوياتها، وهكذا حصل، وفي اليوم التالي توجه الشاب الى البلديّة لإخراج الدرّاجة فلم يجدها، وبالتالي سلّم الشاب مفاتيح دراجته للسارقين "بكل طيب خاطر".
كثيرة هي أعمال السلب والتشليح، وفي وضح النهار أيضاً، كالعمليّة التي حصلت في 2 تشرين الثاني على طريق الرملة البيضاء، حيث إنتشرت "السرقة" على مواقع التواصل الإجتماعي بمقاطع فيديو، تظهر عمليّة سلب بقوّة السلاح طالت سائق درّاجة نارية، مع العلم أنه قيل أن مرتكب هذه العملية من آل. ز تمت مداهمته وقُتل خلال عملية الدهم، وهو ما ليس صحيحاً بحسب مصادر "النشرة" التي تؤكّد أن لا علاقة للمطلوب الذي تمت مداهمته في محل "البلياردو"، بالسارق في الرملة البيضا، وأن عملية المداهمة تمت بعد متابعة دقيقة للمطلوب بمذكرات توقيف عديدة، حيث حصل اطلاق نار خلال المداهمة.
وبحسب معلومات "النشرة" فإن سرقة الدراجات النارية تزداد بوتيرة مخيفة، في الضاحية الجنوبيّة تحديداً، حيث لا يخلو أي يوم دون تسجيل أكثر من عملية تشليح وسرقة، وتكشف المعلومات أن السارقين يتوجّهون بالمسروقات، في كثير من الحالات، الى "داخل أحد المخيمات" حيث تُباع الدراجة النارية بمبلغ ضئيل يصل الى 100 دولار، لأشخاص امتهنوا تصريف الدراجات المسروقة، إما من خلال بيعها "دون أوراقها" بنصف ثمنها بالسوق، أو من خلال تفكيكها وبيعها "قطع"، وهي الطريقة الأكثر استخداماً.
السرقات تزداد، ولا أجوبة حول مصير السارقين ومستقبل الأمن في لبنان، وما عمليات السلب المبتكرة في وضح النهار سوى دليل إضافي على تفكك هذه الدولة وسقوط هيبتها، علماً ان الفئة الأكثر استهدافاً بالسرقة هي عمّال التوصيل، فالأمر وصل ببعض المناطق الى الاستيلاء على "وجبات الطعام أيضاً".