عندما بدأت الحرب الاسرائيلية على غزة تحدّث المسؤولون الاسرائيليون عن حرب طويلة، وبعد وصولنا الى شهرين من القتال أصبح بالإمكان القول أنّ هذه الحرب هي الأطول التي تخوضها اسرائيل، ويبدو بحسب كل الوقائع أنها بدأت تصل الى نهايتها، أقله بالشكل الذي هي عليه اليوم.
لم يعد بإمكان اسرائيل أن تستمر طويلاً لاعتبارات عديدة، أبرزها الداخلية المتعلقة بالإقتصاد، حيث تبرز تحذيرات داخلها من خطر الازمة الاقتصادية الحالية والتي قد تؤدي الى انهيار واسع لن يكون بوسع حكومة بنيامين نتانياهو الخروج منه لسنوات طويلة، فإلى جانب الجمود الاقتصادي الكامل، واستدعاء الاحتياط العسكري، هناك أزمة النزوح وتذمّر النازحين.
على صعيد الدعم الأميركي للحرب الاسرائيلية، فقد بدأ الحديث داخل الكيان عن وضع مهلة زمنية أميركيّة للاسرائيليين تنتهي بداية العام المقبل، وعندها بحال لم يقتنع المسؤولون الاسرائيليون بوقف الحرب قد تلجأ أميركا الى تخفيض الدعم العسكري، والّذي من دونه لا يمكن الاستمرار طويلاً.
كذلك هناك الحديث عن الإنجازات الاسرائيليّة، فبعد بدء العملية العسكرية الواسعة في شمال قطاع غزة، لم يتمكن الجيش الاسرائيلي من تحقيق أي إنجاز يُذكر، لا بالقضاء على جيوب المقاومة، أو اوقف إطلاق الصواريخ من القطاع على تل أبيب ولا حركة حماس اعلنت استسلامها وألقت سلاحها، لذلك يدور بحسب مصادر متابعة اليوم حديث عن أن الهجوم البري الاسرائيلي على غزة قد ينتهي في خانيونس، مع التشديد على أنّ هذه النقطة بالتحديد ستكون من أصعب النقاط التي يدخلها الاسرائيليون.
في هذا الوقت يمكن القول أن البحث الجدي في مرحلة ما بعد الحرب على غزّة قد انطلق فعلياً بعد رضوخ اسرائيل لضرورة البحث في هذه المسألة، على اعتبار أن الاهداف التي وضعتها لحربها لن تتحقق بالكامل وهو ما اقتنع به المجتمع الاسرائيلي الذي يزيد من ضغطه على الحكومة في الشارع، وفي هذا السياق تُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن وضع جنوب لبنان وإن كان مرتبطاً بما يجري في غزّة الا أن معالجته قد تكون مختلفة، وهذا ما يعني أن الأيام الصعبة التي عاشتها الجبهة مؤخراً قد لا تكون الأخيرة، وربما نكون أمام تصعيد إضافي ليس بالضرورة أن يصل الى حرب، فالأساس هو بالتسوية التي قد تحصل لانهاء الحرب على غزة.
بحسب المصادر فإن التسوية هذه التي سيكون بكل تأكيد الاميركي والإيراني طرفاً فيها لا بد أن تتطرق الى الوضع في لبنان، ولكن ما يتم طرحه حالياً من قبل المبعوثين الدوليين لا يرقى لأن يكون حلاً ممكناً لأن الحديث عن تعديل القرار 1701، أو فرض تطبيق إنشاء منطقة عازلة بالقوة، او جعل القرار تحت البند السابع في الأمم المتحدة، كلها خيارات لن يكون بالإمكان تطبيقها على أرض الواقع، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة ستكون للبحث في التسويات ولكن تحت "النار"، سواء في غزة أو في الجنوب اللبناني.