في الأسبوع الحالي، من المفترض أن تُحسم وجهة السيناريو الذي من الممكن الذهاب إليه لتفادي الشغور في ​قيادة الجيش​، نتيجة إنتهاء ولاية ​العماد جوزاف عون​ في 10 كانون الثاني المقبل، من دون أن تظهر بشكل حاسم، حتى الآن، الطريقة التي من الممكن أن يسلكها هذا الملف، الذي بات جزءاً من لعبة الإنقسام السياسي، لا بل عنصراً من عناصر الإشتباك القائم منذ سنوات طويلة، سواء كان ذلك عبر ​المجلس النيابي​ أو ​مجلس الوزراء​.

في الأروقة السياسية، تُطرح العديد من الخيارات على بساط البحث، بما يشبه واقع البورصة التي ترتفع فيها الأسهم وتنخفض بين لحظة وأخرى، تحت عنوان واحد هو مصلحة هذا الفريق أو ذاك، من دون التنبّه إلى التداعيات التي يتركها السجال المفتوح، منذ أشهر، على واقع المؤسسة العسكريّة، بما يؤكّد من جديد العبثيّة التي تحكم الحياة السياسية اللبنانية.

إنطلاقاً من ذلك، تبدلت مواقف غالبية الأفرقاء من كيفية التعامل مع هذه المسألة، سواء كان ذلك من قاعدة رفض التشريع في ظلّ الشغور الرئاسي أو رفض التعيين في مجلس الوزراء في وجود حكومة تصريف أعمال، أو حتى المفاضلة بين التعيين والتمديد، لأن الهدف هو سياسي بالدرجة الأولى، وعند ذلك من الممكن الذهاب إلى المحظورات، بينما في المقابل هناك من كان يبحث، في ظل هذا الكباش، عن تحقيق مكاسب معينة، الأمر الذي تؤكد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أنه سيكون له تداعيات في المرحلة المقبلة.

في هذا السياق، تشير هذه المصادر إلى أنه بغض النظر عن نوعية الحلّ المنتظر، فإنّ الغاية تفترض أن تكون الحفاظ على الجيش وإبعاده عن دائرة السجالات السياسية، على قاعدة أنه المؤسسة الوحيدة التي تراهن عليها غالبيّة الشعب للحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار، لكن اليوم أي خيار من الممكن الذهاب إليه سيكون موضع إنقسام بين الأفرقاء المحليين، على إعتبار أنّ التمديد له من يعارضه، وأيضاً التعيين والتكليف وباقي الخيارات.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، ما ينبغي التوقف عنده أيضاً هو أن هذا الملف بات مطروحاً على طاولة الدول الكبرى، التي لم تتردد في التعبير عن تأييدها لخيار محدّد، الأمر الذي وجب تجنّبه وعدم السماح بالوصول إليه، لكن الأساس يبقى أن الجهات المسؤولة في لبنان لم تبادر إلى إتخاذ الإجراءات اللازمة منذ البداية، وتركت الموضوع إلى اللحظات الأخيرة، مع ما تخلّل ذلك من ضخّ معلومات وتسريبات بشكل غير لائق.

من وجهة نظر المصادر السياسية المتابعة، لم يكن من المقبول أن يتحوّل التمديد لصالح قائد الجيش إلى مادّة يتبناها فريق، مقابل رفضها من قبل فريق آخر، إذ أنّ المعالجة هي مسألة تتمّ وفق الأصول بعيداً عن هذا السجال، وتشدّد على أن هذا لا يعني دعمها خيار على آخر، بل تفضيلها عدم الوصول إلى الواقع الحالي، الذي يشكل إساءة كبيرة للمؤسسة العسكرية قبل أي أمر آخر.

وتلفت هذه المصادر إلى أن أسوأ ما حصل، في الأسابيع الماضية، هو طريقة طرح أسماء كبار الضباط المرشّحين لتولّي المهمّة على بساط البحث، على مبدأ إثارة حساسيات معينة، خصوصاً أن هناك من تحدث عن أهميّة التمديد من منطلق أن عون هو الأقدر على قيادة المؤسّسة في الوقت الراهن، بما يوحي بأن ليس هناك من هو قادر على تولّي المهمة في حال لم يبقَ في مركزه.

في المحصّلة، ستنتهي هذا الأسبوع، على الأرجح، مسرحية المخرج المناسب، على أن تنطلق بعد ذلك أخرى عنوانها الطعن، سواء كان ذلك أمام ​المجلس الدستوري​ أو أمام ​مجلس شورى الدولة​، لكن الأساس يبقى أنّ المؤسسة العسكريّة هي المتضرّر الأكبر من كل ما يحصل، في وقت يبحث الأفرقاء السياسيون فيها عن تسجيل نقاط على حساب بعضهم البعض.