لفت رئيس "التّيّار الوطني الحر" النّائب جبران باسيل، إلى "أنّنا منذ اليوم الأوّل للنزوح، تكلمّنا عن دور مهمّ للبلديات بموضوع النازحين، ولكن اليوم بات دورهم الوحيد الّذي يعوّل عليه بحلول جزئيّة وموقّته، للتّخفيف من عبء النّزوح بالنّطاق البلدي، في ظلّ العجز الحكومي والإداري والأمني المتزايد؛ وفي ظلّ المؤامرة الخارجيّة علينا".
وأكّد، خلال افتتاح مؤتمر "منتدى البلديّات حول النزوح السوري: الاستقرار الاجتماعي: إعادة النّازحين بتطبيق القانون وتحفيز البلديات"، الّذي ينظّمه "التّيّار" في مركز "لقاء"- الربوة، "أنّنا أمام سلوك دولي هو أقرب إلى المؤامرة على لبنان وسوريا، وصار مصدر خطر على وجود لبنان".
وأشار باسيل إلى أنّ "الدّول الغربيّة، عبر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، تعمل على تثبيت النازحين السوريين في الأرض الّتي نزحوا إليها، وتموّل بقاءهم فيها. وانتقلت هذه الدّول للأسف، إلى استخدام بعض المؤسّسات الأمنيّة اللّبنانيّة كأداة لتنفيذ خططها، بإقفال الحدود البحريّة لمنع تسرّب النّازحين وانتقالهم إلى أوروبا والغرب، وفتح الحدود البريّة مع سوريا ليتدفّق المزيد من السّوريّين باتجاه لبنان".
وبيّن أنّ "في الوقت نفسه، هذه الدّول تحاصر سوريا اقتصاديًّا، وتشدّ الخناق عليها ماليًّا للتّسبّب بالمزيد من النّزوح السوري إلى الخارج وباتجاه لبنان. وهذا ضمن مخطّط تفكيك الدّول المحيطة بإسرائيل، وتحويلها إلى دويلات متناحرة طائفيًّا عبر تخريب نسيجها المجتمعي، وهو أيضًا في إطار تحضير أرضيّة داخليّة تخريبيّة تُستعمل عند الحاجة لعمل فتنوي داخلي، يتزامن مع اعتداء خارجي على لبنان".
كما اعتبر أنّ "ما حصل البارحة من تمديد في المجلس النيابي، هو في إطار استمرار المؤامرة، الّتي لم يتصدّى لها السّياسيّون اللّبنانيّون والحكومات المتعاقبة منذ تكلّمنا عنها سنة 2011، والّتي خضعوا لها مجدّدًا أمس بتمديدهم للسّياسات الأمنيّة المعتمَدة على الحدود البريّة والبحريّة للبنان".
وشدّد باسيل على أنّه "الله يستر" ممّا يمكن أن يحضّر لاحقًا في الدّاخل، في ظلّ غضّ النّظر أو التّقصير أو السّكوت أو إخفاء المعلومات... و17 تشرين الأوّل 2019 مثال صارخ في هذا المجال".
وأعلن أنّ "ما عدانا، الجميع رضخوا من دون استثناء، مع فروقات طبعًا، ومع فذلكات وشطارات ليست بعيدة من تلك الّتي أُعطيت لنا منذ عام 2011، لعدم اتخاذ إجراءات فعليّة من قبل الدولة اللبنانية، لعدم إدخال أو لإعادة النّازحين، تدريجيًّا وبكرامة وأمان إلى أرضهم".
وركّز على أنّ "إعادة النّازحين، في ظلّ إقفال الخارج أذنيه عن صراخ اللّبنانيّين، واستماعه فقط إلى الكلام الاستسلامي لبعض المسؤولين فيه، أصبح أمرًا واجبًا علينا، خاصّةً أنّه لا يخالف القوانين الدّوليّة والوطنيّة، وينسجم مع احترامنا للسّيادة اللّبنانيّة على أراضينا".
وأكّد باسيل "أنّنا مع تطبيق القانون الدّولي والمحلّي، وهما لا يتعارضان خاصّةً فيما يختصّ بالحالات غير الشّرعيّة المخالِفة لهذه القوانين، الّتي لا ينطبق على أصحابها لا صفة نازح ولا صفة لاجئ، ولا حتّى أحيانًا صفة محتاج".
وتساءل: "هل يُعتبر نازحًا من هو موجود في لبنان قبل العام 2011؟ هل يُعتبر نازحًا من يذهب إلى سوريا ويعود منها مرارًا وتكرارًا؟ هل يُعتبر نازحًا من يعمل، بإجازة عمل أو من دون إجازة، ويتقاضى أكثر من اللّبناني، وبالإضافة إلى ذلك يحصل على مساعدات أمميّة؟"، موضحًا أنّ "هذه وغيرها الكثير من الحالات، تضع النّازح السّوري في حالة غير شرعيّة لناحية توصيفه، وتفرض بالتّالي وقف المساعدات له، وتمكّن الدّولة والبلديّات بحسب صلاحيّاتها من اتحاذ الإجراءات اللّازمة بحقّه".
إلى ذلك، ذكر أنّ "الإجراءات المطلوبة من مسؤوليّة أجهزة الدّولة الإداريّة والأمنيّة المختصّة، ولكن عندما لا تقوم بعملها أو تُمنع من القيام به، فالقانون والآليّات والإمكانات متوفّرة عند البلديات، وعندها يصبح واجبها تجاه مواطنيها أن تقوم بالمسح والتّصنيف اللّازمَين، وتتّخذ الإجراءات تجاه المخالفين، أكان بتغريمهم ماليًّا وهو ما يوفّر عائدات ماليّة للبلديات، أو بإقفال محالهم ومسكنهم أو عملهم غير الشّرعي؛ أو بطردهم من نطاقها البلدي".
وجزم رئيس "التّيّار"، أنّه "لا يجوز لأيّ بلديّة أن تتقاعس وألّا تتّخذ أيّ إجراء، بسبب الإمكانيّات مثلًا، لأنّها تتوفّر من المواطنين والكلّ مستعّد أن يساعد إذا رأى أنّ البلديّة تقوم بواجبها، أو بسبب تفادي "التّسبّب بزعل" بعض الأهالي انتخابيًّا"، محذّرًا البلديّات والمواطنين من هذا الأمر، "لأنّه بسبب استفادة صغيرة أو مصلحة عابرة بإيجار محل أو مسكن، أو باقتناء حالات غير شرعيّة، تكونون تخرّبون البلد وتقودون إلى فقدان الكيان".
وأضاف: "نحن نتكلّم عن مئات آلاف الحالات المخالفة، إن لم تكن بالملايين: هناك 830,000 نازح مسجّل لدى مفوضيّة شؤون اللّاجئين ومحميّون منها، ولكن معظمهم نازحون غير حقيقيّون، وبإمكان البلديّات اعتبارهم كذلك ولو أنّهم مسجّلون، واتّخاذ الإجراءات بحقّ المخالفين ومنتحلي الصّفة منهم".
وأفاد بأنّ "هناك 1,200,000 تمّ إحصاؤهم لدى "UNHCR" ولكن غير معترف بهم كنازحين لدى الدّولة، وهنا الحق كامل أيضًا للدولة وللبلديّات، بتصنيف أو من دونه، باعتبارهم غير شرعيّين واتخاذ الإجراءات اللّازمة بحقّهم. ويمكن بعد تصنيفهم أن يسوّوا وضعهم كعمّال مسموح بعملهم بحسب القانون، وأن يبقوا داخل نطاق البلديّة بعد التّسوية، شرط ان تعود كلّ العائلات إلى أرضها"، مبيّنًا أنّ "هذا أفضل للبنان بتخفيف الأعداد والأعباء عنه، وأفضل لسوريا بإدخال العملة الصّعبة لها، عبر تحويل العمّال الأموال لعائلاتهم في سوريا".
وشدّد باسيل على أنّ "القانون الدولي واضح بأنّ كلّ نازح اقتصادي يمكن إعادته إلى بلده، والقانون المحلّي واضح بأنّ كلّ مخالف للقوانين يمكن إعادته، وأقلّه تغريمه أو إخراجه من النّطاق البلدي... وهكذا دواليك حتّى يعود إلى أرضه".
وأشار إلى أنّه "إذا أردنا المجيء بالدّول المصرّة على إبقاء النّازحين عندنا على طاولة المفاوضات، فعلينا عدم ترك بحرنا مقفلًا بشكل صارم، وعلى الأجهزة الأمنيّة اللّبنانيّة المسؤولة عن أمن لبنان ألّا تتصرّف وكأنّها مسؤولة فقط عن أمن الدّول الأخرى. يجب اتخاذ قرار وطني بعدم ترك بحرنا مقفلًا أمام حركة النّازحين، فلا نحن ولا قوانا الأمنيّة خفر بحار لدول أخرى".
وركّز على أنّه "على مجلس النّواب أن تكون أولويّته القوانين المقدَّمة من قبلنا ومن قبل غيرنا، الّتي تعالج موضوع النّازحين بإعادتهم إلى بلدهم، بدل أن تكون أولويّته التّمديد لحالة إبقاء النّازحين على أرضنا"، لافتًا إلى أنّ "على لبنان أن يستخدم ورقةً هامّةً هي البلديات والمخاتير وصلاحيّاتها القانونيّة بضبط حركة وحالة النازحين، فتتأكّد من أوراقهم الثّبوتيّة وتسجيل ولاداتهم، دون تزويرها كما يحصل كثيرًا، والتّثبّت من أنّ العمّال في نطاقها هم شرعيّون وليسوا نازحين مسجلّين أو محصيّين (Registered or Recorded)، وألّا يكونون مهاجرين غير شرعيّين، دون اعتبارهم لا نازحين ولا لاجئين، إذ أنّ سوريا هي في حالة حصار ولم تعد في حالة حرب لكي يكونوا هاربين من الحرب، بخاصّة الآتون من المناطق الآمنة وسوريا أصبحت بمعظمها آمنة".
واعتبر باسيل أنّه "لا يجوز من النّاحية الوطنيّة والإنسانيّة أن تكون أوضاع النّازحين السّوريّين أفضل بكثير من المواطنين اللّبنانيّين، وهذه ليست عنصريّة بل وطنيّة!"، مبيّنًا أنّ "الأمر لا يتّصل بفئة من المستفيدين اللّبنانيّين، بل يتصلّ بمصير كلّ اللّبنانيّين ولبنان. صحيح أنّ السّوريّين هم ضحايا حرب جائرة وظالمة، ولكنّ اللّبنانيّين هم كذلك ضحايا مؤامرة خارجيّة وداخليّة".
وذكر أنّ "الحكومة السورية، بسبب أوضاع سوريا المأساويّة اقتصاديًّا وماليًّا، قد لا تتمكّن هي من إعادة الإعمار البلد، ولكن هذا لا يعني أنّ علينا كلبنانيّين أن ندفع الأثمان نيابةً عن سوريا الضحيّة، وعن مجتمع دولي ظالم بحقّها. فنحن الضّحيّة الأولى". وجزم أنّ "علينا نحن وأنتم أن نجد الحلول ونطبّق الإجراءات الّتي نتفّق عليها اليوم".