منذ إقرار التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون في المجلس النيابي، يوم الجمعة الماضي، تُطرح في بعض الأوساط السياسية الكثير من السيناريوهات حول التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك رئاسياً، لا سيما أن عون يعتبر، إلى جانب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، من أبرز المرشحين في هذا الإستحقاق، حيث هناك من يرى أن ترشيحه حصل على قوة دفع إضافية نتيجة بقائه في منصبه.
البحث في هذا الموضوع، يعود إلى أنّ بعض القوى السّياسية خاضت إستحقاق التمديد من هذا المنطلق، على أساس أنّ النجاح فيه يفتح الطريق أمام إمكانيّة تكرار السيناريو نفسه رئاسياً، بينما هناك في المقابل من كان يرى أن عدم التمديد له، في قيادة الجيش، سيقود إلى خروجه من السباق الرئاسي.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسية المتابعة، عبر "النشرة"، إلى أن البحث في التداعيات الممكنة رئاسياً، يفترض العودة إلى وضع الأمور في نصابها الصحيح، حيث البداية يجب أن تكون من خلال التأكيد على أن الإستحقاق الرئاسي، في الوقت الراهن، غير مطروح على طاولة المباحثات، نظراً إلى أن جميع الملفات السياسية باتت مؤجّلة إلى ما بعد وضوح الصورة الإقليميّة، نتيجة الحرب في قطاع غزة، وما قد ينتج عن ذلك من معادلات، لا سيما أنّ لبنان معني مباشرة بذلك.
أما بالنسبة إلى إستحقاق التمديد لعون في قيادة الجيش، فتلفت المصادر نفسها إلى أنّ هذا الأمر ما كان ليتم من دون موافقة أفرقاء لم يشاركوا في التصويت لصالحه، تحديداً "حزب الله"، الذي كان عليه أن يوازن بين مجموعة من المعطيات السياسية والعسكرية، فهو من جهة كان معني بعدم الذهاب إلى توتير إضافي في علاقته مع "التيار الوطني الحر"، لكنه من جهة ثانية كان يريد الوصول إلى حلّ واضح في هذا الإستحقاق، يجنّب البلاد أزمة على مستوى قيادة المؤسسة العسكريّة، في ظلّ ما يحصل على مستوى الجبهة الجنوبية.
إنطلاقاً مما تقدم، ترى هذه المصادر ضرورة قراءة ما حصل في المجلس النيابي، يوم الجمعة الماضي، من دون إعطاء الأمور تفسيرات أكبر من حجمها، لا سيما أنّ الحزب، الذي لا يزال يتمسك بترشيح رئيس تيار "المردة"، كان قادراً، فيما لو أراد ذلك، إسقاط ورقة التمديد في المجلس النيابي، بدليل التصويت لصالح مشروع القانون الذي كان مقدماً من قبل قوى حليفة له، لكنّه فضل عدم الذهاب إلى هذا المسار، بسبب التداعيات التي قد تترتب على ذلك.
بالعودة إلى الإستحقاق الرئاسي، توضح المصادر السياسية المتابعة أنّ هناك محاولات، من قبل العديد من الجهات الدولية، لإعادة تحريك الملفّ في بداية العام المقبل، حيث من المتوقع أن تكون الساحة اللبنانية على موعد مع مجموعة من الزيارات لموفدين دوليين معنيين، لكنّها تشدّد على أنّ ذلك لا يعني القدرة على الوصول إلى حلّ في وقت قريب، نظراً إلى أنّ غالبية القوى، في الوقت الحالي، لا تزال تراهن على التحولات الخارجية، التي كانت منذ البداية لاعباً أساسياً في هذا الإستحقاق.
في هذا الإطار، تشير المصادر نفسها إلى أنّ التعامل مع الإستحقاق الرئاسي، من قبل قوى الثامن من آذار، لن يكون بالطريقة نفسها التي تمّ التعامل فيها مع التمديد لقائد الجيش، على عكس ما يظن البعض، ستذهب إلى المزيد من التمسّك بترشيح فرنجيّة، خصوصاً أنّ التطورات، من وجهة نظرها، أثبتت ضرورة الإستمرار بذلك، الأمر الذي لا يمكن فصله عمّا يطرح من سيناريوهات، بالنسبة إلى مستقبل الأوضاع في الجبهة الجنوبيّة، في المرحلة التي تلي الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار.
في المحصّلة، تعتبر هذه المصادر أنّه لا يزال من المبكر العودة إلى البحث الجدّي في الإستحقاق الرئاسي، حيث الأمور لا تزال على حالها، وبالتالي جميع الإحتمالات تبقى قائمة، بغض النظر عن محاولات البعض رسم سيناريوهات بعيدة عن الواقع، وتلفت إلى أن الأساس يبقى أن الحسم يتطلب تسوية كبرى، بات الوصول إليه اليوم أصعب مما كان عليه في الفترة الماضية.