على وقع التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، لا سيما مع تزايد الحديث عن سيناريوهات ترتيب الأوضاع، بعد إنتهاء الحرب في قطاع غزة، يتم التداول في الأوساط السياسية اللبنانية بمعلومات عن حراك رئاسي كبير، سينطلق بعد إنتهاء عطلة الأعياء، على قاعدة ضرورة وجود رئيس للجمهورية، لمواكبة ما قد يحصل من مفاوضات على هذا الصعيد.
الأساس فيما يتم التداول به على نطاق واسع، يكمن بالمعلومات عن زيارة جديدة من المتوقع أن يقوم بها المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، خلال الشهر المقبل، بالتزامن مع إبداء أكثر من جهة محلّية رغبتها في المبادرة إلى فتح باب النقاش حول الإستحقاق الرئاسي، من منطلق أن لبنان لم يعد يحتمل المزيد من التأخير.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن البعض يراهن على التوافقات التي قادت إلى تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون، للحديث عن إمكانية إبرام أخرى تقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل، خصوصاً أن مسار التمديد جاء نتيجة ضغط دولي، من قبل أعضاء اللجنة الخماسيّة، بالتزامن مع تسهيلات بادرت إليه بعض القوى المحلية، التي كانت ترفض الضغوط التي تفرضها اللجنة.
إنطلاقاً من ذلك، تعتبر هذه المصادر أن الأساس، في مقاربة إمكانية الوصول إلى تسوية رئاسية، من المفترض أن ينطلق من الإجابة على سؤالين، الأول يتعلق بإمكانية أن تبادر القوى الدولية والإقليمية المعنية برفع مستوى الضغوط المتعلقة بالملف اللبناني، أما الثاني فهو يشمل إمكانية أن تبادر الجهات المحلية إلى تقديم تنازلات تسهل من مهمة إنجاز هذا الإستحقاق، خصوصاً أن المعطيات المرافقة لهذا الإستحقاق تختلف عن تلك التي كانت حاضرة قبل التمديد لقائد الجيش.
بناء على ما تقدم، تلفت المصادر نفسها إلى أن الحديث عن حراك رئاسي، في الفترة المقبلة، جدي إلى حد بعيد، لكنها تؤكد أنه كما في كل مرة لا يمكن الوثوق بإمكانية الوصول إلى نتائج مضمونة، أي أن يقود إلى إنتخاب رئيس الجمهورية المنتظر منذ أكثر من عام، لا سيما أن ما نتج عن الحرب في غزة وتداعياتها على الجبهة الجنوبية، رفع من مستوى الشروط والشروط المضادة المطروحة من قبل جميع الأفرقاء.
في الجانب المقابل، لدى مصادر سياسية متابعة قراءة مختلفة لكل ما يتم التداول به على هذا الصعيد، حيث تلفت إلى أن كل ما يُطرح على مستوى الإستحقاق الرئاسي غير واقعي، أو بأحسن الأحوال يقترب من أن يكون مجرد أمنيات أكثر مما هو وقائع، نظراً إلى أن الجميع يدرك صعوبة البحث في أي ملف سياسي، قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة بعد الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
وتشير هذه المصادر إلى أن الإهتمامات المتعلقة بالساحة المحلية، لا سيما من قبل الموفدين الدوليين، تنحصر، منذ أشهر، بالسعي للحفاظ على الإستقرار الداخلي ومنع توسع دائرة الإشتباكات على الجبهة الجنوبية، بينما الضغط الذي حصل للتمديد لقائد الجيش، فهو مرتبط بواقع المؤسسة العسكرية من جهة، إلى جانب القناعة باستحالة الوصول إلى إتفاق حول الإستحقاق الرئاسي من جهة أخرى، وإلا ما كان من الضروري الإصرار على حصول ذلك.
في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن بعض ما يطرح، في هذا المجال، يأتي من باب إرسال الرسائل إلى بعض الأفرقاء، حول ما يمكن أن يجري في حال لم يبادروا إلى تغيير موقفهم، بينما الأساس يبقى أنه حتى ولو كان هناك من رغبة خارجيّة في تحريك هذا الملف، فإن هذه الرغبة ستصطدم بالوقائع، التي تؤكد عدم الوصول إلى نتائج حاسمة، في ظل المعطيات الراهنة.