مع انتهاء سنة 2023 وما حملته من مشاكل ومصائب وويلات واهمها الحرب في غزة، تتجه الانظار الى ما ستحمله سنة 2024 وارتباطها بتسويات يحكى عنها والسباق الدائر حول المدخل الذي سيؤمن هذه التسوية اكان عسكريا ام دبلوماسيا. وفي ظلّ التطورات الاخيرة يبدو ان ايران لم تدخل في الحرب بطريقه مباشرة على الرغم مما حصل منذ ايام بمقتل القائد في الحرس الثوري رضى موسوي في سوريا، ومن رهان الكثيرين على ان هذا الحدث سيكون السبب الرئيسي في دخول ايران الحرب. ويبني اصحاب النظرية الاولى رؤيتهم اعتمادا على ما حصل في السابق عند مقتل قائد حرس الثورة الجنرال قاسم سليماني وتبني الولايات المتحدة بشكل علني اغتياله، حينها لم تدخل ايران مباشرة الى الحرب بل اكتفت برد عبر منظمات تمولها او تابعة لها، وباستهداف شكلي لبعض القواعد الاميركيّة في الشرق الاوسط وتحديدا في العراق. وعليه، ونظرا الى اهمية سليماني، يمكن القول ان الردّ هذه المرة لن يكون مغايرا لما كان عليه في السابق وبالتالي فان طهران، على غرار الولايات المتحدة الاميركية، ستكتفي بما تقوم به حاليا ولن تصعد عبر اعتماد المواجهات المباشره لان ذلك سيضر في مصالحها اكثر بكثير مما يتوقّعه البعض، خصوصا وانها اليوم باتت المدخل الرئيسي لاي حلول يمكن ان تحصل، فهي التي تقدر ان تتحدث باسم المنظمات والمجموعات التي تقاتل في مختلف الميادين في اليمن او العراق او لبنان او سوريا، ومن غير المرجح ان تعرّض هذا الواقع لاي خطر...
اما تزايد الحديث عن التسويات فمردّه الى ان الاسرائيليين حاليا، وبالتحديد بنيامين نتنياهو وحكومته، يحتاجون الى انتصار ما يتحقق بعد اعتراف القادة العسكريين الاسرائيليين بأن الاهداف الكبيرة التي وضعت خلال حرب غزة لم تؤت ثمارها، على الرغم من الدمار الهائل الذي لحق بهذا القطاع، والاعداد الكارثية للقتلى المدنيين فيه، بحيث استمرت حركة حماس في استعراض قوتها العسكرية، في وقت يزداد الضغط الداخلي لانهاء هذا الوضع الشاذ والخسائر الكبيرة في صفوف الجيش الاسرائيلي، والاضرار البالغة التي لحقت بالاقتصاد وبالحياة اليومية للاسرائيليين.
اما في ما خص الوضع اللبناني المرتبط بشكل وثيق بالوضع في غزة، فيمكن القول ان ما يُروى عن تسويات منفردة لا يرتبط الى الواقع بصلة لان عملية الفصل ليست بالسهلة ان لم تكن مستحيلة، وجهود الاميركيين في هذا المجال لا يبدو انها ستصل الى النتيجة المتوخاة. واذا كان الكلام عن ترسيم الحدود البرية لم يعد مجرد حلم فانه في المقابل سيكون من الصعب جدا التوافق حول هذا الملف اذا لم تنته الامور في غزة، ولن يكون بمقدور الاسرائيليين ولا اللبنانيين التخلص منه بشكل منفرد. ويجب الاّ ننسى ان الاستحقاقات في عام 2024 متلاحقة عند في الولايات المتحدة او في اسرائيل. وبالتالي فإن معالجة بهذا المستوى من الاهمية، لا يمكن حصوله الا بضمانات مؤكدة لان اي تغيير في الادارة سيطيح بما تم تحقيقه، ولا تزال تجربة الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، حاضرة، بعد ان ضرب بعرض الحائط كل ما تم الاتفاق عليه خلال ادارة سلفه باراك اوباما.
واستطرادا يربط البعض مسألة الانتخابات الرئاسية اللبنانية بما سيتم التوافق عليه للوصول الى التسوية المنتظرة، بحيث يوافق اي رئيس مقبل على النقاط التي ستحظى بدعم اقليمي ودولي لتنفيذها .ويراقب الجميع ما اذا كانت سنة 2024 هي المنتظرة للوصول الى حلّ في المنطقة طال انتظاره.