أكّد رئيس حزب "القوّات اللّبنانيّة" سمير جعجع، أنّ "ما نشهده على حدودنا الجنوبيّة ليس بقرار لبناني شرعي، فلا الحكومة اجتمعت واتّخذته ولا تمّت مناقشته في مجلس النواب، كما لا تفاهم عليه بين الأحزاب والأفرقاء اللّبنانيّين، فهذا القرار اتّخذه حزب واحد انطلاقًا من اعتبارات غير لبنانيّة، ويقوم بتطبيقه منفردًا على مسؤوليته غير آبه بخطورته".
ولفت، خلال العشاء السّنوي لمهندسي الاغتراب في حزب "القوات اللبنانية"، في المقرّ العام للحزب معراب، إلى أنّ "البعض يعتقد أنّ ما يحصل في الجنوب يندرج في دعم ومساندة غزّة، وللمناسبة فنحن مع غزّة 100% ونؤيّد ونتضامن مع أهاليها حتّى النّهاية، ونستهجن ما تتعرّض له، فهذا غير مقبول على كلّ المستويات"، متسائلًا: "كيف يساعد الضّرب الّذي ينطلق من الجنوب، غزّة؟ هل يمكن أن تشهد غزّة ما هو أسوأ من الّذي يجري الآن؟".
وأشار جعجع إلى أنّ "وفق العلوم العسكريّة، تتحمّل كلّ بقعة جغرافيّة قوّة عسكريّة معيّنة، وتلك الإسرائيليّة الّتي تهاجم غزّة هي الأقصى الّتي من الممكن أن توضع في بقعة 365 كلم2 أي مساحة غزّة، وبالتّالي ما يحصل في الجنوب لا يفيد غزّة لا بل يضرّ بها في مكان ما".
واعتبر أنّ "غزّ’ حجّة، وهدف ما يجري على حدودنا الجنوبيّة هو قول "حزب الله"، ومن ورائه محور المقاومة وصولًا إلى إيران، للجميع إنّهم موجودون في المعادلة، كي يحفظوا لأنفسهم موقعًا فيها، لينالوا فيما بعد بعض المكاسب عندما يحين موعد التّفاوض. وعندها يكون الفلسطينيّون هم من قاتلوا في غزّة، بينما غيرهم سيجلسون على طاولة التّفاوض".
كما أوضح أنّ "ما يحصل في الجنوب يضرّ بغزّة، باعتبار أنّه على المستوى المادّي لم ينجز شيئًا إن لناحية تأخير الهجوم أو التّخفيف من ضراوته، فالهجوم طاحن من جميع الجهات وبكلّ أنواع الأسلحة ومن دون انقطاع، لذا ما يقوم به "الحوثيون" في اليمن و"حزب الله" في لبنان، يظهر وكأنّ أحداث غزّة هي جزء من منظومة أو حلقة ضمن سلسلة الميليشات الإيرانيّة في المنطقة، انطلاقًا من لبنان مرورًا بسوريا والعراق ووصولًا إلى اليمن، لا سيّما أنّ هذه المنظومة ليست محبوبة والعالم أجمع يريد محاربتها، ولا تتمتّع بأيّ دعم سوى من جماعة المنظومة بحدّ ذاتها، في الوقت الّذي بات عدد كبير من الدّول والأفراد في العالم يميل نحو تأييد القضية الفلسطينة؛ خصوصًا بعد ما حصل في غزة".
وركّز جعجع على أنّه "في حال بدا أنّ ما يجري في غزّة هو جزء من منظومة الميليشيات الإيرانيّة، فسيخف عندها ، إذا لم نقل سينتفي نهائيًّا أيّ تأييد شعبي وأجنبي ودولي لقضيّة غزّة بالتّحديد، وبالتّالي هذا الأمر يضرّ بغزّة ولا يفيدها".
ورأى أنّ "تنظيم تظاهرة ولو صغيرة في أيّ عاصمة من عواصم العالم تفيد غزّة، على خلفيّة أنّها تؤثّر على أصحاب القرار، أمّا ما هو حاصل اليوم يغرق قضيّتها الّتي هي قضيّة حقّ في مسألة أخرى، وهي الوجود الاستراتيجي لإيران في منطقة الشرق الأوسط ككل".
وأضاف: "مَن يدفع ثمن كلّ هذه المغامرات، هو المواطن الجنوبي، إذ أصبح لدينا اليوم ما بين 80 و100 ألف مهجّر وما يقارب الـ170 مواطن شهيد من أبناء الجنوب، والسّبب فقط الحفاظ على حقّ محور الممانعة في الجلوس على طاولة المفاوضات عندما يحين وقتها، وهذا الأمر لا يجوز إطلاقًا".
من جهة ثانية، أكّد جعجع أنّ "القوّات بألف خير، وحبّذا لو كان لبنان كذلك، إلّا أنّ الإنسان عليه بدايةً العمل من موقعه، على أمل أن يطال في ما بعد جميع جوانب الحياة الاجتماعيّة والعامّة في البلاد"، مبيّنًا أنّ "القوّات" بألف خير لأنّكم موجودون، وقد تحوّلت اليوم إلى ماكينة كبيرة جدًّا تبدأ من جزر المالوين وصولًا إلى اليابان، ومن أستراليا إلى روسيا وما بينهما. أمّا في لبنان فتبدأ من القبيّات وشدرا على حدودنا الشّماليّة ، لا تنتهي عند رميش وعين بل ودبل والقوزح ومرجعيون وعلما الشعب على حدودنا الجنوبيّة".
وأفاد بأنّ "كلّ فرد منّا هو جزء من هذه الماكينة، وإذا توقّف أيّ جزء ولو صغير في الماكينة عن العمل، فهذا الأمر يؤدّي إلى تعطّل عمل الماكينة ككل ، ولو لم يقم كل فرد من بينكم بعمله، كلّ في مكانه وموقعه، لكان تعطّل أو أقلّه تأخّر وضعف عمل الماكينة".
وختم: "صحيح أنّنا نمرّ في تطوّرات كبيرة والتّحدّيات أمامنا صعبة، إلّا أنّ علينا عدم الخوف، لأنّه حين يكون لدينا التّصميم والإرادة وندرك تمامًا ما يجب القيام به ضمن مجموعة موّحدة تشكّل قوّة كالّتي نشهدها حاليًّا، عندها لا مكان للخوف ولو أنّه لا أحد يدرك ماذا سيحصل، فما دمنا نحن ثابتون في تلك الوضعيّة وما دام لدينا الإيمان والتّصميم، سنتمكّن من مواجهة أيّ أمر بشكل من الأشكال".