لم يسلم قطاع التعليم من تأثير الازمات التي تصيب بلبنان، فبالاضافة الى الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية للحرب القائمة عند الحدود الجنوبية منذ 8 تشرين الاول الماضي، كان للقطاع التربوي حصة من هذه الخسائر، حيث نزح الاهالي مع اولادهم الى اماكن آمنة، فالحرب القائمة جنوباً أرخت بثقلها على طلاب الجنوب خصوصا ابناء القرى الحدودية، لا سيّما في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وتغيّر أسلوب دراستهم، مع اضطرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، الى الابقاء على مفاعيل قراره بإقفال المدارس والثانويات والمعاهد والمهنيات الرسمية المتاخمة للحدود.
معاناة الطلاب
في هذا الإطار، أوضحت مديرة مدرسة الهبارية الرسمية بلسم عقل في حديث لـ"النشرة"، أن "المدرسة لدينا لم تشهد نزوحا للطلاب، ولكن هناك استحالة للتعليم الحضوري كون موقعها على احدى التلال ومحيطها يتعرض للقصف بشكل دائم، فوجدنا أنفسنا مضطرين لاعتماد التعليم عن بُعد".
وأكدت أنه "على المستوى الشخصي ومنذ أيام جائحة كورونا، لم اقتنع بجدوى التعليم عن بُعد ولكن للضرورة أحكام، وحتى الآن لا بديل لدينا وبالتالي هو الحل الأنسب كي لا يضيع العام الدراسي على الطلاب، خصوصا اننا دخلنا الشهر الرابع للأحداث، والتعليم الحضوري لدينا اقتصر على فترة الهدنة فقط".
بدوره، أسف عضو لجنة التربية النيابية النائب إدغار طرابلسي في حديث لـ"النشرة" لعدم استطاعة بعض الطلاب من الالتحاق بالمدارس، خصوصا مع رفض بعض المدارس الخاصة استقبالهم لإكمال العام الدراسي، موضحا انه "حفاظا على أرواح الطلاب وأفراد الهيئات التعليمية أوصى وزير التربية بإقفال المدارس في الشريط الحدودي، وسبق ذلك صدور توصية من لجنة التربية بقبول الطلبة النازحين في المدارس ضمن المناطق الآمنة، وتأمين التعليم عن بُعد، وبالفعل هذا ما قامت به الوزارة".
في السياق، أشار رئيس المنطقة التربوية في الجنوب أحمد صالح، الى أن عدد الطلاب النازحين من 6 مدارس ضمن منطقته التربوية بلغ حوالي 500 تلميذ قبل انتهاء موعد التسجيل بـ15 يوما، أما في منطقة النبطية فالعدد أكبر بكثير ويبلغ حوالي 10 آلاف.
واوضح صالح لـ"النشرة"، ان "قسما من الطلاب التحقوا بالمدارس في المناطق التي نزحوا اليها، كما لجأ آخرون الى المدارس التي خصصتها الوزارة لاستيعاب الطلبة النازحين وعددها 2 واحدة في العباسية وأخرى في الغازية"، مشيرا الى ان "الوضع في القرى التي تتعرض للقصف مأساوي، وهناك استحالة في الوصول الى داتا المعلومات في المدارس، مع الأخذ بعين الاعتبار الوضع النفسي للطلاب النازحين وصعوبة تأقلمهم في مدارس جديدة، خصوصا طلاب الحلقتين الأولى والثانية".
مصير الامتحانات الرسمية؟
وحول مصير طلاب الشهادات الرسمية الذين خسروا جزءا من عامهم الدراسي نتيجة الحرب، اعتبر رئيس المنطقة التربوية في الجنوب أنه "من المبكر الحديث عن مصير الامتحانات، والأمر مرهون بالوضع الأمني في كل لبنان، ولكن الموضوع بيد وزارة التربية التي ستجري تقييما للوضع في الوقت المناسب، ومن الممكن إجراء دورات تقوية لطلاب الشهادات الرسمية للتعويض عما فاتهم خلال فترة الأحداث".
بدوره، أكد النائب طرابلسي، أن "ملف الامتحانات الرسمية لم يطرح بعد على طاولة لجنة التربية النيابية وسيكون موضع بحث".
وفي الختام، يعتبر العام الدراسي لفئة كبيرة من طلاب الجنوب اصبح رهن الوضع الامني والتطورات على الساحتين المحلية والاقليمية. على امل الاّ يكون مستقبلهم ضحية الحرب القائمة، وأن تنتهي ويكملوا عامهم كسواهم من الطلاب في المناطق الاخرى.