توقّف "المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى"، خلال اجتماع عُقد برئاسة مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، "بألم واستهجان أمام استمرار المجازر الّتي يرتكبها الكيان الصّهيوني في قطاع غزة، والّتي امتدّت إلى عدد من مدن الضفة الغربية المحتلّة ومخيّماتها".
كما توقّف، بحسب بيان، باستنكار شديد أمام "استمرار المساعدات العسكريّة الّتي تتدفّق على العدو الصّهيوني، تشجيعًا له على مواصلة العدوان وارتكاب الإبادة الجماعيّة والمجازر لأهلنا في غزة وفلسطين المحتلّة"، مشيدًا بـ"الموقف المتميّز الرّاقي المتمثّل بالمبادرة الإنسانيّة الرّاقية الّتي قامت بها دولة جنوب إفريقيا، برفع شكوى أمام محكمة العدل الدولية لإدانة الاحتلال الصّهيوني بارتكاب جرائم الإبادة الجماعيّة بحقّ الشعب الفلسطيني".
وأبدى المجلس استغرابه واستنكاره "لمحاولات الضّغط على جنوب إفريقيا، لحملها على التّراجع عن الشّكوى". وأشاد بـ"سرعة تجاوب محكمة العدل الدولية"، معربًا عن أمله في أن "تصدر تدابيرها الموقّتة في السّرعة القصوى وأحكامها النّهائيّة بإدانة الكيان الصهيوني بتلك الجرائم".
ودعا منظّمات حقوق الإنسان الدّوليّة، إلى "القيام بواجباتها الأخلاقيّة سواء لجهة دعم محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية"، محذّرًا من "مخاطر محاولات الالتفاف على جرائم العدو الصهيوني الّتي يندى لها جبين الإنسانيّة خجلًا، ومن محاولات تهجير الإنسان الفلسطيني من عقر داره ظلمًا وعدوانًا، على غرار ما حدث نتيجة للاعتداءات الصّهيونيّة السّابقة".
كما نبّه من "مخاطر تصعيد الاعتداءات الصّهيونيّة على بلدات وقرى جنوب لبنان، الّتي أودت حتّى الآن بحياة العشرات من المواطنين الأبرياء، ودمّرت بيوتًا وأحرقت مزارع وحقولًا على طول الحدود اللّبنانيّة مع فلسطين المحتلّة".
وتوقّف المجلس كذلك أمام "ظاهرة الدّوران في الحلقة السّياسيّة الدّاخليّة المفرغة، الأمر الّذي يعطّل انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، رغم مرور أكثر من عام على فراغ سدّة الرّئاسة الأولى"، مؤكّدًا أنّ "الحياة الدّستوريّة لا تقوم ولا تستقرّ من دون انتخاب رئيس للجمهوريّة يضبط إيقاع الحياة العامّة، بما له من سلطات دستوريّة ومن رمزيّة وطنيّة جامعة".
وأعرب عن اعتقاده بأنّ "استمرار تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يدفع حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ قرارات من نوع "أبغض الحلال"، مثل قرار إعادة بعض مشاريع القوانين إلى مجلس النواب لإعادة النّظر فيها ولدرسها من جديد"، طالبًا من المجلس النّيابي "البتّ بهذا الموضوع بأسرع وقت ممكن رفعًا للظّلم".
ورأى أنّه "إذا كان هذا الإجراء يثير اجتهادات دستوريّة متناقضة، فإنّه يقع في حكم الضّرورة للمحافظة على المصلحة الوطنيّة العامّة. ولعلّه يشكّل قوّةً حافزةً للخروج من دوّامة الدّوران في فراغ عدم انتخاب رئيس جديد يملأ الفراغ الدّستوري، الّذي يشكو منه لبنان منذ أكثر من عام".
إلى ذلك، شدّد المجلس على أنّ "سلامة الوطن وحقوق المواطن تتقدّمان على المصالح الحزبيّة والفئويّة، وأنّ تعريض سلامة الوطن للخطر والتّضحية بحقوق ومصالح الوطن، يشكّل جريمة كبرى. فكيف إذا كان ذلك يحدث والعدو الصّهيوني المتربّص مستنفر لإرتكاب المزيد من الاعتداءات وإثارة المزيد من الفتن؟".
وأشار إلى أنّه "إذا كان هناك متّسع لممارسة الاختلافات وحتّى الخلافات في الظّروف العاديّة والطّبيعيّة، فإنّ هذه الممارسات والعدو على الأبواب، والدّولة على شفير الهاوية، يصبح من المحرمات الوطنيّة".
ودعا إلى "الإيثار الوطني على أنانيّات المصالح الشّخصيّة والفئويّة، وإلى الارتفاع إلى مستوى التّحدّيات المصيريّة الّتي يواجهها لبنان من الدّاخل والخارج، إنقاذًا للوطن من بين ما يتربّص به شرًّا: الفساد الدّاخلي والعدوان الخارجي... وكلّ منهما يكمل الآخر ويتكامل معه".