عندما التقى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بقائد الجيش العماد جوزاف عون قبل التمديد له بموقعه بساعات قليلة، حلل البعض الزيارة بأنها قد تكون مقدمة لانسحاب فرنجيّة من السباق الرئاسي لمصلحة عون، ولكن الواقع جاء مغايراً، فرغم أنهما الأبرز للرئاسة، إلا أنهما يتعاملان برقيّ قلّ مثيله في لبنان.
لا مشكلة شخصيّة لرئيس تيار المردة مع قائد الجيش، ولا حقد شخصي، لذلك كانت العلاقة الراقية بين المرشحين الأبرز للرئاسة، فهما يُدركان أن أحدهما لا يؤثر على الآخر في مسيرته الى بعبدا، وهناك توافق كامل بينهما على عدم التداخل في الفرص، وذلك يعود إلى قناعة لدى الجانبين بأنّ ظروف وصول أحدهما مختلفة عن الآخر، نظراً إلى أن متطلبات التسوية متعلقة بتوفر ظروف إقليميّة معيّنة، ستكون مختلفة بإختلاف الإسم الذي سيطرح في لحظة الوصول إليه، وبالتالي هما يعتبران أن لا مصلحة لهما بالتصارع، بل بالإتفاق على التعاون في حال وصول أحدهما.
على الرغم من ذلك، تفيد بعض المعطيات المتوفرة بأنّه على المستوى الخارجي لم يعد هناك من تفضيل لأي من الأسماء التي طرحت في السابق، بل هناك مساع لفتح باب الحوار حول خيارات جديدة ضمن ما بات يعرف بـ"الخيار الثالث"، على قاعدة أن جميع الأسماء التي طرحت سابقاً لم تعد تمتلك أيّ فرصة جدية.
ولكن بحسب مصادر سياسية متابعة فإنّ من غير الواضح بعد ما إذا كان قائد الجيش ضمن الخيار الثالث بالنسبة للدول الغربيّة والعربيّة المعنيّة داخل اللجنة الخماسيّة، رغم أن هناك من يقول أن في لبنان مرشحّ واحد حالي هو سليمان فرنجية، اما المرشح الآخر أي قائد الجيش فهو لا يزال في موقعه داخل قيادة الجيش وتمّ التمديد له، ولا يمكن اعتباره مرشحاً كفرنجية لأن وصوله الى الرئاسة يحتاج الى مرحلتين من العمل، التعديل الدستوري ومن ثم انتخابه داخل المجلس النيابي.
السؤال الأبرز الذي قد يُسأل هو ما إذا كان سليمان فرنجية سينسحب لصالح عون، وهنا تُشير المصادر الى أن فرنجيّة الذي لا يفكر حالياً بالانسحاب، لا ينسحب لأجل شخص بقدر ما قد ينسحب لاجل مشروع، وتسوية قد تقدم له وللفريق السياسي الداعم لترشيحه مكاسب سياسية كبيرة، ومن المبكر الحديث عن هذه المسألة.
ولكن بحسب العلاقة الطيبة بين فرنجية وعون، وإدراكهما أن ظروف وصول كل منهما الى بعبدا مختلفة تماماً، يمكن استبعاد فكرة حصول منافسة انتخابيّة بينهما داخل المجلس النيابي، ففي حال كانت الظروف لصالح الأول فلن يكون الثاني مرشحاً، والعكس تماماً، ولكن هذا لا يعني سقوط احتمال وصول شخص ثالث الى الرئاسة، خاصة بظل الضغط باتجاه أسماء جديدة قد تكون قادرة على صنع توافق حولها.
في الرئاسة لا جديد حتى اليوم رغم التحركات السياسية الخجولة التي تجري، والتحضير لتحركات أخرى ستقوم بها كتل نيابية وسطيّة، لا تزال حتى اليوم لم تأخذ شكل مبادرة رئاسيّة متكاملة، والكل بانتظار تحريك الملف عبر اللجنة الدولية، أو تحريكه من خلال ما يجري على حدود لبنان الجنوبية.