في الثاني والعشرين من شباط المقبل تتمّ إحالة مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الى التقاعد، وبالتالي يصبح المركز شاغراً، في حين أنّ الكباش السياسي يبقى قائماً حول إمكانية التعيين في ظلّ وجود حكومة مستقيلة وفراغ في سدّة الرئاسة وإبقاء المركز شاغراً، في وقت لا زالت أكبر الملفات وأهمها مُعرقلة، ومنها ملف تبييض الأموال والاختلاس المتهم به الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وإنفجار مرفأ بيروت الذي حصل في الرابع من آب عام 2020.
لعب غسان عويدات دوراً في الملفّين، وخصوصاً في ملفّ سلامة، فكان صلة الوصل بين القضاء اللبناني والقضاء الأوروبي. أدار التحقيقات اللبنانيّة وهو على بيّنة كاملة بالملف، بدءاً بالتحقيق الذي أجراه المحاميان العامان التمييزيّان القاضيان جان طنوس ورجا حاموش وغيرهما، الى أن خرج الحاكم السابق لمصرف لبنان من مركزه في تموز الماضي حرّاً طليقاً رُغم وجود مذكرتي توقيف دوليتين بحقّه.
حالياً هناك ضجيج في أروقة القضاء اللبناني عمّا سيحصل في حال شغور هذا المركز! هنا تشرح مصادر مطلعة على أنه "في الأصل يفترض أن يبادر مجلس الوزراء بالتعيين بعد إحالة المدعي العام الى التقاعد، ولكن في الحالات الاستثنائية يفترض أن يستلم الأعلى رتبة، وإذا تساوى هو وشخص آخر يتسلّم الأقدم في السلك، وهنا تقع المشكلة"، إذ تشير المصادر الى أنه "وفي حال تطبيق هذه القاعدة فإنّ هذا المركز سيذهب لشخصيّة من الطائفة الشيعية، وهي على الارجح القاضية ندى دكروب، في حين أن مركز مدعي عام التمييز هو لشخصية من الطائفة السنيّة".
"الان يتمّ البحث عن مخرج لهذا المأزق". بحسب ما تؤكّد المصادر، التي تشير الى أنه "يتم التفتيش عن "تخريجة" مختلفة على قاعدة ابقاء المنصب مع أحد القضاة السنّة والارجح أن يكون إما القاضي أيمن عويدات وهو رئيس غرفة في محكمة التمييز أو رئيس محكمة التمييز الجزائيّة في بيروت القاضي جمال الجرّاح، في مقابل إرضاء الطوائف الأخرى بإنتدابات بأماكن أخرى كهيئة التفتيش القضائي أو غيرها".
تلفت المصادر الى أنّ "الاتجاه هو أن يتمّ التعيين من خارج الحكومة بصيغة ما بين وزير العدل هنري خوري ومجلس القضاء الاعلى وذلك تفادياً لأي مشكلة يُمكن أن تنشأ"، وتعود المصادر لتشير الى أن "ليس فقط القرارات الصادرة عن الحكومة يُمكن الطعن بها بل يُمكن القيام بذلك مع أيّ قرار إداري ومن قبل القاضي المتضرّر".
هذا المشهد اليوم يعيدنا الى تموز الماضي حين إنتهت ولاية حاكم مصرف لبنان دون الاتفاق على بديل، فما كان الا أن إستلم النائب الاول لحاكم مصرف لبنان وهو من غير الطائفة المارونية لتسيير الأعمال في المرفق، وقبله عندما انتهت ولاية مدير عام الامن العام الشيعي اللواء عباس ابراهيم فاستلم مكانه اللواء الياس بيسري المسيحي، فهل يتكرّر الأمر مع مدّعي عام التمييز فتذهب الى شخصيّة من الطائفة الشيعية؟!.