على ضوء الحراك القائم على مستوى الإستحقاق الرئاسي، إنطلاقاً من عمل سفراء أعضاء اللجنة الخماسية في بيروت، وضعت، في الساعات الماضية، الكثير من علامات الإستفهام حول الموقف الذي أدلى به الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، لناحية إعلانه أنّه لا يمانع إنتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية أو غيره رئيساً للجمهورية، لا سيّما أن ذلك جاء بعد فتح مرحلة جديدة من العلاقة بين الجانبين، بعد الإلتباسات التي كانت قائمة في الماضي.
في هذا السياق، قد يكون من الطبيعي الحديث ان هذا الموقف قد يقود إلى آخر عن حراك داخلي، يواكب ذلك القائم على المستوى الخارجي، خصوصاً أنّ قوى الثامن من آذار كانت، منذ البداية، تتحدث عن كتلة صلبة من الأصوات تؤيّد مرشحها، بينما العمل يجب أن يكون على رفعها، على إعتبار أنّه لا يمكن أن تتراجع إلا بقرار سياسي بإنسحاب فرنجية من السباق.
في هذا الإطار، تفيد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، بأنه على الرغم من وجود مجموعة واسعة من السيناريوهات التي يمكن وضعها لتفسير موقف جنبلاط، الذي هو نفسه أعلن أنه لا يحظى بالإجماع داخل "اللقاء الديمقراطي"، إلا أنّ ما ينبغي التأكيد عليه أنه غير كافٍ للحديث عن تقدم حاسم على مستوى حظوظ رئيس تيار "المردة"، على إعتبار أن ذلك يرتبط، بشكل أساسي، بحصوله على دعم كتلة مسيحية وازنة، أي "التيار الوطني الحر" أو حزب "القوات اللبنانية".
وتلفت هذه المصادر إلى أن الرئيس السابق لـ"الإشتراكي" لا يمكن أن يذهب إلى التصويت لصالح فرنجية، في حال إنعقاد أيّ جلسة، في حال لم يكن قد حصل الأخير على هذا التأييد المسيحي، وبالتالي ما أعلنه يصب في إطار أنه لن يكون عقبة عند الوصول إلى هذه المرحلة، التي لا تزال بعيدة، نظراً إلى أن رئيس "الوطني الحر" النائب جبران باسيل كان قد جدد موقفه المعروف من هذه المسألة قبل أيام، بينما موقف "القوات" المعارض ثابت منذ اليوم الأول لدخول البلاد الشغور الرئاسي.
وتوضح المصادر نفسها أنّ التأكيد على أهميّة التأييد المسيحي، بالنسبة إلى ترشيح فرنجية، يعود بالدرجة الأولى إلى أنّ عملية الإنتخاب لا ترتبط فقط بحصوله على أكثرية 65 صوتاً، التي يكون قد اقترب منها في حال التصويت لصالحه من قبل أعضاء "اللقاء الديمقراطي"، بل أيضاً بمسألة النصاب، أي تأمين 86 نائباً يحضرون جلسة الإنتخاب، الأمر الذي لن يكون سهلاً على الإطلاق، نظراً إلى أن المعارضين لن يتردّدوا بإستخدام ورقة النصاب لمنع إنعقاد الجلسة.
على الرغم من ذلك، تفيد المصادر السياسية المتابعة بأن موقف جنبلاط، من الناحية المبدئية، يعزز من أوراق قوّة قوى الثامن من آذار التفاوضيّة، على إعتبار أنه بالإضافة إلى المؤيدين بات هناك عدم ممانعة من كتلة وازنة، في حين أنّ الجميع يدرك وجود مجموعة أخرى من النواب التي من الممكن أن تذهب إلى إعلان تأييدها، عند الوصول إلى اللحظة المناسبة، المرتبطة بشكل أساسي بإشارة خارجيّة تؤكّد عدم وجود أيّ مانع من وصول رئيس تيار "المردة"، وبالتالي هو قد يساعدها على تبرير تمسكها به.
بالنسبة إلى هذه المصادر، ما تقدم يتوافق مع الواقع على مستوى الحراك الخارجي، حيث عودة الحديث عن المواصفات التي من المفترض أن تتوفر بالرئيس المقبل من قبل أعضاء اللجنة الخماسيّة، الأمر الذي يؤكد أن ليس هناك من توجهات حاسمة على هذا الصعيد، بل مساعٍ لإعادة تحريك الإتصالات بإنتظار اللحظة الحاسمة، وهو ما يتأكد من خلال الحديث المتكرر عن تباينات بين أعضاء اللجنة، بالرغم من نفي هذا الأمر وحصره بالأمور الشكلية لا في المضمون.
في المحصّلة، تجدّد المصادر نفسها الحديث عن أنّ الإستحقاق الرئاسي مرتبط بوجود تسوية، حيث لا يمكن الوصول إلى أيّ نتيجة في غيابها، وتشير إلى أنّه حتى الوصول إليها تبقى كل الإحتمالات مفتوحة، على مستوى الأسماء التي من الممكن أن يتم التوافق عليها، وتضيف: "فرص كل إسم مرتبطة بالظروف التي ستكون قائمة في تلك اللحظة، بالإضافة إلى التوازنات التي ستفرض نفسها على الجميع، من دون تجاهل حجمها، نظراً إلى أن الأمور تختلف بين أن تكون شاملة أو تقتصر على إسم الرئيس المقبل".