أشار عضو تكتّل "لبنان القوي" النّائب آلان عون، إلى أنّ "نظريًّا، الاستحقاق الرّئاسي منفصل عن حرب غزة، بما أنّه استحقاق أصلًا سابق لهذه الحرب، وسيبقى لاحقًا لها أيضًا بحال لم يُنجز"، مبيّنًا أنّ "هذا الاستحقاق اصطدم أوّلًا بطريق مسدود داخليًّا، وصار هناك حتّى تسليم تقريبًا من أغلبيّة القوى السّياسيّة، بالمساعدة الخارجيّة. وإلّا لَما كنّا رأينا كلّ هذا التّرحيب أكان باللّجنة الخُماسيّة بمرحلة معيّنة، أو بالموفد الفرنسي بمرحلة معيّنة، أو بالموفد القطري بمرحلة أخرى، وتاليًّا هناك استعداد أو توقّعات لدى القوى السّياسيّة؛ بأنّ هذه المساعدة الخارجيّة يمكن أن تساهم في بلورة حلّ ما في الدّاخل".
وأوضح، في حديث إلى صحيفة "الراي" الكويتيّة، أنّ "هذه المساعدة لا تكتمل إلّا بحصول حوار بين الفريقَين. وإذا كنّا نتحدّث عن تسوية داخليّة، فهل يمكن تصوّر أن تتمّ بين أفرقاء متحالفين، أو أنّها ستكون بطبيعة الحال بين الفريقين المتخاصمين؟"، لافتًا إلى أنّ "المنطق نفسه ينطبق على أيّ تسوية خارجيّة لا يمكن أن تكون بين أصدقاء منسجمين، بل لا بد أن تحصل بين مَن هم على خصومة. ومن هذا المنطلق هناك فريق آخر أكان في الدّاخل أو الخارج، لا مفرّ من التوصّل لتسوية معه لبلوغ حلّ. هل تُسمّى "5+1" أو يتحاور هؤلاء من خارج هذه التّسمية؟ ولكن لا بدّ من هذا الأمر".
وركّز عون على أنّ "البعض وَجد في ضوء حرب غزة أنّها ستوصل حُكمًا إلى نقاش سيحصل خارجيًّا، ولو على خلفيّة ترتيبات أمنيّة وإعادة النظر في القرار 1701 أو كلّ ما يعيد الأمور إلى الاستقرار على الحدود الجنوبيّة اللّبنانيّة، فنحن محكومون في لحظة ما عندما تنتهي الحرب بأن يكون هناك ترتيب معيّن، وهذا سيتطلّب أيضًا نقاشًا إقليميًّا بين فريقين،؛ولكن مع ترجمة داخليّة في نهاية الأمر".
وفسّر أنّ "اليوم "حزب الله" على الأرض، وفي مقابله هناك إسرائيل، وفي ضوء عدم إمكان حصول كلام بين الحزب والاسرائيليّين، هل يتحدّث الأميركيّون مع الايرانيّين، أو الأميركيّون مع "حزب الله" عبر وسيط؟ هذه الاحتمالات الموجودة، ولكن هناك حوار يحصل هنا، فثمّة مَن يتحدّث مع الإسرائيلي وهو واشنطن، وهناك مَن يتحدّث مع لبنان، وعلى الأقل لنقُل مع رئيس مجلس النّواب نبيه بري، وهو أيضًا الأميركي. وفي الموازاة، معروف الطّريق الّذي يُعمل عليه إقليميًّا".
كما أكّد أنّ "انطلاقًا من هنا، ولو قلنا إنّ الرّئاسة مفصولة، إلّا أنّ أيّ نقاش خارجي يحصل بين محورَين لهما هذا القدر من التّأثير على المعادلة، سيكون له انعكاسٌ في مكان ما على تسوية. وأكيد ثمّة نظريّة تقول إنّ أيّ ترتيب يُنجز في ما خصّ الجنوب، أو بين لبنان وإسرائيل، يُسمّى 1701 جديد أو 1701 قديم أو أي اسم آخر، بهدف تحقيق الاستقرار الأمني، سيحتاج بالتّوازي إلى استقرار سياسي في لبنان. وحُكمًا في مكان ما، يجب أيضًا إعادة ترتيب الوضع السّياسي الدّاخلي، كي نذهب إلى مرحلة استقرار كاملة تحمي أيّ اتفاق يتّصل بالوضع على حدودنا الجنوبيّة".
وعن إقراره بأنّ ثمّة صعوبة في تصَوُّر إمكان أن تُفضي ديناميّة داخليّة لحلّ الأزمة الرّئاسيّة، شدّد عون على أنّها "سَكَّرِت" داخليًّا. الدّيناميّة الدّاخليّة أُقفلت منذ فترة، وتمّت تجربة كلّ شيء في سياقها: حوارات ثنائيّة و"ما مشي الحال"، محاولات دعوة لطاولة حوار و"ما مشي الحال"، وطريق حوار "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" أقفلت. وهذه هي الطّرق الّتي كان يمكن أن تُفتح وتشقّ مسارًا لديناميّة داخليّة فاعلة".
وأضاف: "حزب "القوات اللبنانية" أصلًا ذاهب في منطق متشدّد جدًّا، والنّائب السّابق وليد جنبلاط وكتلة "الاعتدال الوطني" بانتظار المسار الخارجي، أي ولو كانوا منفتحين على كلّ الخيارات إلّا أنّهم ليسوا في وارد بتّ أيّ شيء بمعزل عن التّسوية الخارجيّة، وقد يكونون الأقرب إلى السّير بها عندما تحصل أيًّا كان الاسم الّذي ستحمله. كما هناك أفرقاء في وضعية تريُّث، وإذا أُنجزت تسوية خارجيّة يمكن أن يعودوا ويسيروا بها". وشرح أنّ و"من هذا المنطلق أقول، إنّه إذا لم تحصل تسوية داخليّة، هناك احتمال لتسوية خارجيّة. هل تكون بخلفيّة حرب غزة؟ نعم هذا الاحتمال وارد. هل تحصل بخلفيّة الحراك الخماسي؟ هذا أيضًا احتمال وارد. ولكن حتّى هذه اللّحظة، لم ألمس أيّ شيء جديد من الحِّراك الّذي حصل".
وعن التّحيّة الّتي وجّهها في كلمته في مجلس النّواب، إلى روح التّسوية وجرأة اجتراح التّسويات الّتي تَمَتّع بها رئيس الوزراء السّابق سعد الحريري، ومخاطبتَه بـ"اشتقنالك"، أوضح أنّ "كلامي جاء في إطار أنّ الإشكاليّة الّتي نعيشها اليوم تشبه ما عشناه خصوصًا بين 2014 و2016 من ناحية الفراغ وانسداد الأفق الدّاخلي، وأنّ هذه الإشكالّية تتطلّب للخروج منها ذهنيّة تسوية ومرونة في التّعاطي. واستذكرتُ الحريري لأنّني أعتبر أنّه كان يتمتّع بهذه الميزة، وعندما كانت الأبواب الدّاخليّة مقفَلة، كانت لديه الجرأة وشجاعة المبادرة لكسر الجمود وفَتح الثغر. أي كلامي أتى في سياق الحديث عن الملف الرّئاسي".
ورأى عون أنّه "لن تحصل مقايضة رئاسيّة. ولو كان ثمّة منطق مقايضة على موضوع الرّئاسة، لَكان الملف حُلّ منذ زمن. ولا أرى أنّ الأمور تقوم على قاعدة مقايضات من نوع: نوقف العمليّات (من الجنوب) وأعطونا الجمهوريّة"، مشيرًا إلى أنّ "الحرب اعتباراتها عسكريّة أمنيّة، وفي رأيي هي لا ترتبط بأيّ ثمن أو اعتبار إلّا العودة إلى الاستقرار الأمني. إلّا أنّ الظّرف الدّولي الّذي يفتح باب كلام وتسوية بين الفريقين، يمكن أن يَدخل عليه العنصر السّياسي، ليس بمعنى المقايضة، بل من باب إعادة ترتيب الاستقرار الأمني والسّياسي".
وعمّا إذا كان يمكن للتّقاطع بين "التيّار" و"القوّات" على رفض رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية، أن يتطوّر أكثر فيتمّ الذّهاب إلى اسم أبعد من التّقاطع على اسم الوزير الأسبق جهاد أزعور، أم أنّهم يعتبرون أنّ قائد الجيش العماد جوزف عون هو المرشّح الحقيقي لـ"القوات"، أعرب عن اعتقاده أنّهم "ماشيين بالعماد عون"، لافتًا إلى أنّ "في رأيي أنّ حتّى جوزف عون لن يكون مرشّح معركة انتخابيّة، بل مرشّح تسوية، وهو مقتنع بهذا أصلًا، وتاليًا حُكمًا ليس في وارد أن ينزل في معركة تصويت. وأعتقد أنّ عون يعتبر أنّ فرصته تأتي من خلال تسوية ما وهذا صحيح، فإذا حصلت التّسوية لديه فرصة، ولكنّه لن يكون جزءًا من معركة انتخابيّة".
وذكر أنّ "أزعور هو في رأيي مرشّح تقطيع الوقت عند الجميع، ومن الواضح أنّ ليست لديه فرصة، وحصلت محاولة ولم تنجح، ولكن لم تتبلور بعد خيارات بديلة، وتاليًا في حال تمّت الدّعوة لجلسة انتخاب؛ فإنّ الجميع يلائمهم اليوم تقطيع الوقت بأزعور".
وتعليقًا على إعلانه في إطلالتين أنّه شخصيًّا يرشّح النّائب ابراهيم كنعان للرئاسة إذا أتته الفرصة، لفت عون إلى أنّه "إذا وجدت فرصة لإبراهيم كنعان، فأعتقد أنّ كلّ التّكتّل سيعود ليتوحّد خلفه". وردًّا على سؤال: "إذا توافرتْ له الفرصة، أم أنك تحاول أن تبْنيها له؟"، أجاب: "أبنيها له، لمَ لا؟ عندما يُراد بناء فرصة من الصّفر لمرشّح ثالث، لماذا سأبْنيها لأيٍّ يكن ولا أحاول أن أبنيها لإبراهيم كنعان؟".
وتابع: "كنعان أصلًا من الأسماء المطروحة، وهو بموقعه وتجربته وتفاعله مع الكل، أحد الأسماء الّتي يمكن أن تكون مطروحة. وحتّى أنّه من الأسماء الّتي وردت في ما سُمّي لائحة بكركي الرّئاسيّة. وحتّى لو أنّه ينتمي إلى فريق سياسي، إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ هناك رفضًا كليًّا له"، مركّزًا على أنّ "في رأيي أنّه عندما ننتقل إلى مرشّح ثالث غير سليمان فرنجية وجوزف عون، وهما الأوفر حظًّا اليوم لأنّ لكلّ منهما ظرف لم يتكوّن بعد لمرشّح ثالث، فلماذا لا أخلق فرصةً لشخصيّة مثل ابراهيم كنعان تتحلّى بكلّ هذه التّجربة، وأرى على المستوى السّياسي أنّها يمكن أن تشكّل تقاطعًا سياسيًّا بين الثنائي الشيعي الّذي ليس على خصومة طبعًا مع كنعان ولا مع التّيّار، وبين الفريق الآخر الّذي يتفاعل معه كنعان أيضًا وسبق ان اختبره؟".
وشدّد على "أنّني شخصيًّا مع اسم مثل ابراهيم كنعان. وأنا لا أقول إنّ ظرفه متل ظرف عون أو فرنجية، ولكن الأسماء الجديدة الأخرى ليس ظرفها أفضل كذلك. ومن هنا عندما أريد إيجاد ظرف لمرشّح ثالث، في رأيي أن كنعان من الأوْلى والمستحقّين، ولذلك أتمّنى أن يُعطى فرصة، وأنا متأكّد من أنّه إذا حصل تَفاعُل إيجابي مع الفكرة من الأفرقاء الآخَرين، فإنّ التّكتل سيعود ويلتف حوله".