منذ ما قبل بداية الأسبوع الحالي، كانت مختلف القوى المحلية تترقب الحراك الذي كان من المقرر أن يبادر إليه سفراء دول اللجنة الخماسية، خصوصاً لناحية اللقاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على وقع مجموعة من الطروحات التي كان مصدرها داخلي بالدرجة الأولى، وهو ما تأكد بعد اللقاء الذي عقد، أول من أمس، في عين التينة.
في الشكل، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن السفراء كانوا مصرين على التحرك بوصفهم كتلة واحدة، وهو ما تم التشديد عليه من خلال المواقف التي صدرت عن بعضهم، الأمر الذي فُسر على أساس أنه رد على ما يطرح في الأوساط اللبنانية عن خلافات بينهم، بالرغم من تأكيدها أن هذه التباينات موجودة ولا يمكن التغاضي عنها بأي شكل من الأشكال.
وتشير هذه المصادر إلى أن الخطوة المقبلة ستكون لقاءات تعقد من قبل السفراء مع القوى السياسية اللبنانية المعنية، لكنها توضح أن هذه اللقاءات لن تكون جماعية، بسبب عدم قدرة بعض السفراء على زيارة جميع الأفرقاء، نظرا للعقوبات المفروضة على بعضهم، إلى جانب تصنيف بعض دولهم "حزب الله"، الذي لا يمكن تجاوز دوره في هذا الإستحقاق، منظمة "إرهابية".
بالإضافة إلى ذلك، ترى المصادر نفسها، في الشكل أيضاً، أن هذا الحراك الخماسي يعني، بشكل أو بآخر، سقوط ما كان قائماً في الفترة الماضية، بالنسبة إلى الحراكين الفرنسي والقطري، في ظل الإنتقادات التي كانا قد تعرضا لها من قبل العديد من الجهات، بالإضافة إلى الدخول السعودي القوي على خط الملف اللبناني، في مؤشر على أن الرياض باتت تريد أن تكون فريقاً مقرراً، بعد أن كانت تفضل حصر دورها بالعموميات.
أما في المضمون، تشير المصادر السياسية المتابعة إلى مجموعة من النقاط التي ينبغي التطرق إليها، والتي تؤكد ما يتم التداول به من أجواء إيجابية في الوقت الراهن، حيث توضح أن الخماسية، على عكس ما تم الترويج له في الفترة الماضية، لم تذهب إلى طرح أي إسم أو وضع فيتو على آخر، لا بل كان هناك حرص من جانب السفراء على رمي المسؤولية على عاتق الأفرقاء اللبنانيين، تحديداً المجلس النيابي، وبالتالي يمكن الجزم بأن ليس هناك من مقاربة واضحة، فيما يتعلق بالخطوات المقبلة.
وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا الأمر يتأكد من خلال الإشارات، التي يتم تناقلها، عن أن إجتماع اللجنة الخماسية المقبل سيُبنى على أساس تقرير يرفع عن نتائج المشاورات التي يقوم بها السفراء، ما يعني أن الخارج هو ما ينتظر اللبنانيين لا العكس، وتوضح أن من بين الأفكار المطروحة الذهاب إلى لقاءات ثنائية أو ثلاثية في لبنان، في ظل الرفض المستمر لطرح الحوار الجامع، إلى جانب تراجع فكرة عقد مثل هذا الحوار في دولة أخرى، وتشدد على أن فكرة التسمية، من قبل اللجنة، أمر مستبعد.
بالتزامن، توضح المصادر نفسها أن الأمور، على عكس ما يعتقد الكثيرون، ليست مقفلة بشكل نهائي، لا بل تتحدث عن معطيات إيجابية لا ينبغي تجاهلها، تبدأ من الإنفتاح السعودي على الجانب الإيراني، فيما يتعلق بالملف اللبناني، ولا تنتهي عند بعض الإشارات المتعلقة بـ"حزب الله"، وتشير إلى أن قوى الثامن من آذار منفتحة على أي طرح موضوعي، فهي في الأصل تحرص على معادلة التوافق الخارجي على الرئيس المقبل، وتريد أن يكون قادراً على التواصل مع جميع الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة.
في المحصلة، ما يمكن الحديث عنه هو وجود مسار جدي من الممكن البناء عليه، من دون أن يعني ذلك القدرة على الوصول إلى نتائج في وقت سريع، خصوصاً أن الأوضاع في المنطقة تبقى مفتوحة على كافة الإحتمالات، مع العلم أن أصل جهود سفراء الخماسية يكمن بالسعي لفصل المسارات، الأمر الذي تؤكد قوى الثامن من آذار أنها لا تعارضه.