أكّد وزير الخارجيّة البريطانيّة ديفيد كاميرون، عن السّباق بين الحلّ السّياسي والتّصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل، "أنّنا بحاجة إلى وقف التّصعيد والبحث عن البديل. هناك بديل جيّد يتضمّن تطبيق القرار 1701، وهذا يعني أن ينقِل “حزب الله" قوّاته إلى شمال نهر اللّيطاني، والتّرسيم الصّحيح للخط الأزرق على الحدود، ورفع مستوى التّدريب والاستفادة من الجيش اللبناني للقيام بالمزيد من الدّوريّات الحدوديّة"، معربًا عن اعتقاده "أنّنا إذا جمعنا هذه العوامل معًا بحذر، يمكننا أن نثبت أنّ هناك طريقًا للسّلام والاستقرار بدلًا من الحرب، ولكن علينا أن نتحرّك بسرعة".
وعمّا إذا كانت هناك فرص للتّوصّل إلى الحلول الدبلوماسيّة، أشار في حديث إلى صحيفة "النّهار"، إلى "أنّني أعتقد أنّ هناك فرصةً جيّدةً، لأنّني لا أعتقد بحسب ما قيل لي، أنّ "حزب الله" يريد تصعيد الحرب، ولا حتّى إسرائيل تريد التّصعيد. لكن ما تسمعونه من الإسرائيليّين هو أنّ ما بين 80 إلى 100 ألف شخص اضطرّوا إلى النّزوح من منازلهم في شمال إسرائيل، وهؤلاء بحاجة إلى العودة لمنازلهم، ولذلك يحتاجون إلى مزيد من الأمن".
ولفت كاميرون إلى "أنّني متأكّد من أنّ النّاس في لبنان سيقولون الشّيء نفسه. لذا هناك حاجة لهذه الدّبلوماسيّة، وهناك حاجة لهذه الحركة من "حزب الله" والجيش اللبناني، وتعزيز قوّات "اليونيفيل". هناك حاجة لكلّ هذه الأمور، لذلك أعتقد أنّ من المهم أن نأتي ونستمع إلى الآخرين، كما فعلت مع رئيس الوزراء ومع قائد الجيش اللبناني، لنستمع إلى ما يعتقدون أنّه ضروري، ومن ثم ينبغي على أصدقاء لبنان مثل بريطانيا؛ المساعدة في حلّ هذه الأمور".
وعن فحوى رسالته المباشرة للمسؤولين اللّبنانيّين في هذا الشّأن، كشف أنّ "رسالتي المباشرة إلى المسؤولين اللّبنانيّين، وإلى رئيسَ الوزراء ومجلس النواب، كانت أنّ بريطانيا تريد المساعدة. وإذا عدّتم 10 سنوات إلى الوراء عندما كنت رئيسًا للوزراء، فقد بدأنا البرنامج التّدريبي مع الجيش اللبناني، حيث قمنا بتطوير أفواج الحدود، و لقد كانت العمليّة ناجحة بشكل لا يصدّق".
وذكرّ بـ"أنّنا قمنا بتدريب 26,500 جندي من الجيش اللبناني، ونحن فخورون بما قمنا به. لقد قاموا بعمل رائع على الحدود مع سوريا، وأوقفوا تهريب المخدرات، وأوقفوا تهريب البشر، وأوقفوا توغّل تنظيم "داعش" الّذي كان يمكن أن يحدث بعد تشكيل الخلافة في سوريا والعراق؛ لذا فقد قاموا بعمل عظيم. وأعتقد أنّ جزءًا ممّا هو مطلوب منهم، هو أن يلعبوا دورًا أكبر في جنوب لبنان، مع إبعاد "حزب الله" عناصره عن الحدود". لذا كنت هنا لأسأل: كيف يمكننا المساعدة؟ هل هناك المزيد مما يمكننا القيام به؟ ونحن شريك يرغب في ذلك".
وعمّا إذا كان وقف إطلاق النّار في غزة، قد يقنع إسرائيل بتجميد طلبها بتراجع "حزب الله" بضعة كيلومترات عن الحدود الشّماليّة، شدّد كاميرون على أنّ "وقف إطلاق النّار في غزة سيكون أمرًا جيّدًا جدًّا إذا كان لدينا هدنة، وهو ما نناقشه الآن، حتّى نتمكّن من إطلاق سراح الرّهائن وإدخال المساعدات. نحاول تحويل هذه الهدنة إلى وقف إطلاق نار مستدام، وسيكون ذلك أمرًا جيّدًا جدًّا".
وسأل: "هل سيغيّر ذلك تلقائيًّا كلّ شيء هنا؟ إنّه يوفر فرصةً أكبر للدبلوماسيّة، ولكنّني ما زلت أعتقد أنّ من أجل الاستقرار والأمن، سنحتاج إلى أن يبتعد عناصر "حزب الله" عن الحدود، لأنّه في الوقت الحالي لا يمكن للعائلات الإسرائيليّة العودة إلى ديارها في شمال إسرائيل، كما هو صعب على العائلات اللّبنانيّة في جنوب لبنان العودة إلى قراها"، مركّزًا على أنّ "ما نحتاج إليه هو حدود أكثر استقرارًا، مع ابتعاد "حزب الله" عن الحدود، وأن يتولى الجيش اللبناني مسؤوليّة أكبر على الحدود، وأعتقد أنّ الأمر سيمثّل وضعًا أكثر استقرارًا".
وعن العوامل الّتي تؤدّي إلى الاعتقاد بأنّ الحلّ السّياسي لا يزال ممكنًا بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين، بعد سنوات من إخفاقات "اتفاق أوسلو"، بيّن أنّ "السّؤال في الأساس لا يزال نفسه. كيف يمكن لمجموعتين من النّاس تقاسم الأرض في إطار حلّ دولتين، تعيشان متجاورتين. لا يزال السؤال نفسه. وأعتقد أنّ السّبب في أنّه أصبح أكثر إلحاحًا، هو أنّنا نستطيع رؤية أنّ السّنوات الثّلاثين الماضية، أي السّنوات التّي تلت أوسلو، لم تكن سنوات نجاح؛ لم تكن ناجحة حقًّا بالنّسبة لإسرائيل".
كما فسّر وزير الخارجيّة البريطانيّة أنّ "بالطّبع نما اقتصادها، وتحسّنت سبل العيش، وأنفقت الكثير على الأمن، لكن في الأساس لم تنعم بالأمن الحقيقي الّذي يتوفّر عند امتلاك دولتك الخاصّة، وجيرانك الّذين يمتلكون دولتهم الخاصّة. ومن الواضح بالنّسبة إلى الفلسطينيّين، أنّهم لم يتمكّنوا من تحقيق ما يريدونه وهو كرامة ودولة آمنة".
وأضاف: "إن نظرنا إلى الوراء 30 عامًا، وسألنا أنفسنا: هل نريد أن تبدو السّنوات الثّلاثين المقبلة مثل السنوات الثّلاثين الماضية؟ الجواب: لا، لا نريد ذلك، لا نريد العودة إلى الوضع الّذي كان سائدًا قبل 7 تشرين الأوّل، وعلينا محاولة إيجاد طريق جديد للمضي قدمًا، لنحصل على سلام واستقرار حقيقيّين. لذا فإنّ السّؤال لم يتغيّر، لكنّ الإجابة عليه أصبحت أكثر إلحاحًا".
وأعرب عن اعتقاده "أنّنا نحتاج أوّلًا وقبل كلّ شيء، إلى وقف إطلاق النّار المستدام، ثمّ تأتي بداية الحل. وأعتقد أنّ جزءًا من ذلك هو أن تتقدّم السّلطة الفلسطينيّة بحكومة متجدّدة، ربما حكومة أكثر تكنوقراطيّة بشخصيّات جديدة ووجوه جديدة، قادرة على العمل في غزة والضفة الغربية على حد سواء. يجب أن يتغيّر ذلك".
وأشار كاميرون إلى أنّ "في ما يتعلّق بالشّكل الّذي يجب أن تكون عليه الدولة الفلسطينية، فهذا أمر يجب أن نبدأ في مناقشته، ويجب أن تجتمع الدّول العربيّة والدّول الّتي تمتلك دورًا فعّالًا ويمكنها المساعدة، مثل بريطانيا أو فرنسا والولايات المتّحدة الأميركيّة، وأن تسأل: كيف يمكننا خلق دافع نحو هذا الحل؟ الإسرائيليّون سيقولون إنّهم يريدون تغيير جوانب من الدّولة، ولا يريدون أن يكون للدّولة الفلسطينيّة جيش كبير، ولا يريدون أن تكون لها تحالفات مع دول مثل إيران، ولكن يجب أن نركّز على الأشياء الّتي يمكن أن تمتلكها الدّولة الفلسطينيّة؛ وننطلق منها بدلًا من أن نسأل ما الّذي لا تستطيع الدّولة الفلسطينيّة امتلاكه".
وعمّا إذا كان توقيت مقاربته مرتبط بمقترح الهدنة المحتملة بين إسرائيل و"حماس"، أفاد بـ"أنّني زرت خلال الشهرين الماضيين تسع دول عربيّة، وزرت المنطقة ثلاث مرات على ما أعتقد حتّى الآن، ولذا فإنّ مقاربتي مستمرّة، وزيارتي ليست مرتبطة بمسألة واحدة أخرى، ولكن تواجدي اليوم (في المنطقة)، آمل أن يسهم في الجهود إلى هدنة في القتال، وقد يكون ذلك بعد أيّام؛ وأنا متفائل".
وأكّد "أنّنا كلّما اقتربنا من ذلك، أصبح من المهم البدء في محاولة حلّ القضايا الأخرى. لذا، فإنّ مسألة الحدود اللّبنانيّة- الإسرائيليّة ووجود "حزب الله" والحاجة إلى تدريب الجيش اللبناني، والحاجة إلى تسوية النّزاع على الحدود، تصبح أكثر أهميّة". وشدّد على أنّ "ما لا نريده هو أن تحدث هدنة في غزة، ونضيّع الوقت. عندما تحدث الهدنة يجب أن نصبّ جهودنا في محاولة حلّ جميع المشاكل، لخلق زخم، وحتّى يرى النّاس أنّ هناك سعيًا للسّلام وليس للحرب".