بعد الكثير من الأسئلة التي طُرحت حول ماهية حراك سفراء اللجنة الخماسية، إلى جانب التداعيات التي من الممكن أن تنجم عن ذلك رئاسياً، يبدو أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر من جديد، خصوصاً أن التركيز لا يزال ينصب على ملف الجبهة الجنوبية، خصوصاً مع تزايد التهديدات الإسرائيلية، التي وصلت إلى حد الحديث عن أن وقف إطلاق النار في قطاع غزّة، قد لا ينعكس تهدئة على الحدود اللبنانية، على عكس ما حصل في الهدنة الماضية.
هذا الموقف الإسرائيلي، الذي يؤكد عمق المأزق الذي تمرّ به تل أبيب بسبب الضغوط التي يمارسها سكان المستوطنات الشماليّة، يبرّر تركيز الموفدين الدوليين الذين يزورون بيروت، في المرحلة الراهنة، على هذا الملف دون سواه، خوفاً من أن يقود إستمرار المواجهات العسكرية الحالية إلى مواجهة موسعة لا أحد يريدها.
في المقابل، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ ما أدلى به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أول من أمس، يؤكد صعوبة الوصول إلى حل رئاسي في وقت قريب، حيث الأمور لا تزال تتوقف عند تمسّك قوى الثامن من آذار بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، في مقابل رفض القوى الأخرى لهذا الترشيح، في حين أن حراك سفراء الخماسية لم ينجح في تقديم أي طرح، من الممكن التعويل عليه من الناحية العملية.
في هذا السياق، ترى هذه المصادر أنّ النقطة، التي من الممكن الإنطلاق منها، تكمن بالإيجابية التي تعبر عنها، بعض قوى المعارضة، لناحية الموافقة على الذهاب إلى "تشاور" حول هذا الإستحقاق، بعد أن كان السفراء قد تمنّوا على برّي إعتماد هذه التسمية، لكنها تلفت إلى أن هذا الأمر هو في الأصل قائم بين الأفرقاء منذ أشهر طويلة، لكنه لم يقد إلى أيّ نتيجة، بسبب تشبث كل منهم بمواقفه المعروفة مسبقاً.
بالنسبة إلى المصادر نفسها، الذهاب إلى أي "تشاور" يتطلب أن يكون هناك رغبة في الوصول إلى نتيجة، تبدأ أولاً من خلال الإستعداد لأن يكون ذلك من دون شروط مسبقة، وهو لا يزال، من حيث المبدأ، صعب جداً، خصوصاً أن قوى المعارضة تتطلب أن تبادر قوى الثامن من آذار، قبل ذلك، إلى سحب مرشحها، الأمر الذي لا يمكن أن توافق عليه الأخيرة، لا سيما أنها لا تزال تعتبر أن فرصه هي الأقوى بين كافة المرشحين.
على صعيد متصل، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنّ التشاور، في حال كانت النوايا صافية، لن يؤدّي إلى نتائج سريعة، نظراً إلى أنّ هذه العملية ستتطلب الكثير من الوقت، في حين أن الظروف المحيطة قد لا تكون مساعدة، وتوضح أنّ هذا الأمر قائم، بين قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر"، منذ أشهر، من دون أن يقود ذلك إلى تبدل في موقف أيّ منهما أو إعلان إنتهاء هذه المشاورات بشكل رسمي، وتضيف: "في حال كان القوات هو الطرف المقابل، كبديل عن التيار، في الفترة المقبلة، فإن الأمور ستبقى على حالها".
من وجهة نظر هذه المصادر، طالما أنّ اللجنة الخماسيّة، بالتعاون مع إيران، لم تذهب إلى تقديم طرح واضح لمعالجة هذا الإستحقاق لا يمكن الحديث عن أيّ تطوّر نوعي، بل أقصى ما يمكن الرهان عليه هو إستمرار الأوضاع على ما هي عليه، من دون مبادرة أيّ من الأفرقاء إلى التصعيد، حيث أن رمي كرة المسؤولية على عاتق الأفرقاء المحليين لن يدفعهم إلى تحمل المبادرة الذاتية، بسبب عجزهم عن ذلك وعدم قدرتهم على المبادرة من خارج رغبة القوى الخارجية الداعم لهم.
في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّه عندما بادر السفراء إلى التحرّك، ظن الكثيرون بأن هناك تحولاً ما يمكن الركون إليه، لكن بحسب ما تبين لم يصلوا إلى مرحلة الإتفاق فيما بينهم على أي طرح، وبالتالي العقدة باتت في الوصول إلى هكذا إتفاق، قبل الإنتقال إلى مرحلة تأمين التوافق عليه مع الفريق الآخر، أي إيران أو "حزب الله" بصورة مباشرة، وتضيف: "في الوقت الراهن، لا تزال في مرحلة الإنتظار، إلا إذا كان هناك ما يعمل عليه بعيداً عن الأضواء".