في السنوات الماضية، أي منذ الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي بدأ في 17 تشرين الأول 2019، لم يمرّ أسبوع على لبنان من دون كشف فضيحة مدوّية عنوانها رياض سلامة الحاكم السابق لمصرف لبنان.
فضائح وجرائم لم تقف عند حدود الـ10452 كلم مربع، ويتردد صداها بين الحين والآخر في الدول الأوروبيّة وبمبالغ تقدّر بمئات مليارات الدولارات. واحدة من هذه الجرائم الفظيعة إكتشفها القضاء الألماني بناء على التحقيقات التي أجراها في لبنان القاضي جان طنوس. فضيحة إكتشاف القضاء الألماني لعملية تبييض أموال كبيرة في ميونيخ عبر عقارات وأموال ضخمة مصدرها مصرف لبنان، وذلك عبر عدة شركات أظهرت التحقيقات أن صاحب الحق الإقتصادي في أكثريتها هو رياض سلامه نفسه ومن يشاركه فيها هو شقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك إضافة الى عدد من اللبنانيين.
القضاء الألماني بدأ في خريف العام 2022 بمراسلة القضاء اللبناني حول هذا الموضوع، وفي بداية العام 2023 بدأت الوفود الأمنية والقضائية بالتردد الى لبنان لنصل الى النتيجة التالية:
حجز القضاء الألماني لعقارات وأموال تعود لرياض سلامة بقيمة 140 مليون يورو وإصراره على أن تشارك السلطات اللبنانية بهذا الحجز كي تتمكن في نهاية المطاف القضائي من إستردادها على إعتبار أنها في الأساس للشعب اللبناني ويجب إعادتها له.
الكارثة تكمن في عجز القضاء اللبناني عن المشاركة في عمليات الحجز هذه، وأسباب هذا العجز متعددة. أولها عرقلة الملفات القضائية المرتبطة برياض سلامة ومعاونيه بسبب دعاوى الرد التي يتم إعتمادها من قبل فريق الدفاع عن سلامه وشركائه ولعدم تعيين الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وهنا يأخذ الكثيرون من متابعي هذا الملف على مجلس القضاء الأعلى بأنه لا يقوم بواجبه لتسريع هذا المسار القضائي.
السبب الثاني الذي يجعل لبنان غير متجاوب مع مطالبة السلطات الألمانيّة بمشاركته في عمليات الحجز على اموال وعقارات سلامة هو العامل المادي، فهيئة القضايا في وزارة العدل سبق ان عانت بهذا الموضوع عندما وكّلت محامين لمتابعة ملفات سلامة القضائية في فرنسا، وهنا لا بد من التذكير بأن المحامين الذين يدافعون عن حقوق الدولة اللبنانية في فرنسا لا يتقاضون من الحكومة اللبنانية أي بدل مادي، وهذا ما حصل أيضاً في دول أوروبية أخرى، لذلك يرى المتابعون لهذا الملف أن الأمر لا يتطلب أكثر من مجهود بسيط لإيجاد محامين في ألمانيا يدافعون عن حقوق الدولة اللبنانية من دون مقابل.
حجز 140 مليون دولار لرياض سلامة وشركائه في الجريمة التي إرتكبت بحق لبنان ليس آخر الغيث، فهذا المبلغ هو جزء بسيط جداً من أموال وعقارات وشقق في أوروبا تصل قيمتها الى نصف مليار دولار، منها ما صدرت قرارات قضائية أوروبية بحجزه ومنها ما هو على طريق الحجز يقول المتابعون. هذه الأموال الضخمة هي أموال الشعب اللبناني والخزينة اللبنانية ولا بُدّ من أن يأتي يوم وستعود فيه الى أصحابها الحقيقيين.