حذرت مصادر فلسطينية مسؤولة عبر "النشرة"، من انفجار اجتماعي سريع في المخيمات الفلسطينية في لبنان، ربطا بقرار 16 دولة مانحة تعليق مساعداتها المالية لوكالة "الأونروا"، على خلفية اتهام "إسرائيل" 12 موظفا بالمشاركة أو تأييد عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" في 7 تشرين الأول 2023.
وقد تلاقى التحذير الفلسطيني، مع ناقوس الخطر الذي دقته مديرة "الأونروا" في لبنان دوروثي كلاوس، من وقف خدمات الوكالة نهاية آذار إذا لم تتراجع الدول عن قراراتها، تزامنا مع تحذيرات دولية مماثلة، كونها تشكل كارثة إنسانية غير مسبوقة على اللاجئين، في ظل عدم التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية، والعدوان الإسرائيلي على غزة وأهلها ومقاومتها.
وسط التحذيرات، لفت الانتباه تحرك رئيس لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني الدكتور باسل الحسن على أكثر من محور بعدما طرحت "النشرة" تساؤلات عن غياب دوره (مقالة الإثنين 4 شباط الجاري)، حيث عقد لقاءين مع مديرة "الأونروا" كلاوس من جهة ومع القوى الفلسطينية من جهة أخرى، خلصت إلى تأكيده بأننا نبذل جهودا بالشراكة مع "الأونروا" من أجل حماية لبنان من أي تداعيات لقرار تعليق التمويل، والمواءمة بين البعد الإنساني والتداعيات السياسية وتشديده على أن التداعيات الإنسانية على اللاجئين هي أكبر من أي هواجس سياسية، مؤكدا على رفض التوطين.
ولم يخف الحسن، أن العناوين السياسية التي تشكل هواجس لدى اللبنانيين كمسألة حق العودة أو التوطين غير مطروحة ضمن إطار المسار الحالي للموقف الذي أدى لقطع التمويل عن الوكالة، بل هو موضوع أشمل يرتبط بمقتضيات المسارات السياسية، وشكل من أشكال الاشتباك بشأن المسارات المتعلقة بما بعد عودة التمويل وكيف يمكن أن يكون واقع "الأونروا" في الفترة المقبلة.
وفي أول تعليق لها، أكدت كلاوس خلال مشاركتها في الاجتماعين، "أن 16 هيئة مانحة أوقفت أو علّقت المنح"، موضحة "لدينا قدرة على تأمين الخدمات حتى نهاية اذار، وبعد ذلك لا نعرف ماذا سيحصل"، مشيرة إلى أنه ليس لدى الوكالة أي خطة بديلة". وقالت "نحن نعلم أن الحكومة اللبنانية تواجه أزمة كبيرة، وهي تستضيف عددا كبيرا من اللاجئين، وإن جهودنا مستمرة بالتحاور والتحدث مع المانحين لنشرح لهم الوضع الحساس والدقيق للاجئين الفلسطينيين حيث يعيش عدد كبير منهم تحت عتبة الفقر في لبنان.
كلاوس التي توقعت أن يتبين ما اذا كانت هذه الدول المانحة ستغيّر قرارها في أول اذار، أكدت أنه في حال لم يتم اعادة هذا التمويل، فإن جميع الفلسطينيين في لبنان سيتأثرون ويشمل ذلك عددا كبيرا من الأولاد، وما يقارب 2000 مريض و50 الف منهم يحتاجون إلى دعم استشفائي كل عام، إضافة إلى الادوية ورعاية شؤون 12 مخيما.
ويبلغ العدد الإجمالي للاجئين المسجلين على قيود الأونروا في لبنان 489,292 شخصا وفق احصائية آذار 2023، بينما أكدت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في إحصاء أجرته بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في العام 2017، وجود قرابة 174,000 شخصا. بينما تقدر الوكالة أن ما لا يزيد عن 250,000 لاجئ من فلسطين يقيمون حاليا في لبنان.
بينما تتوزع موازنة "الأونروا" التي بلغت العام 2023 نحو مليار و600 ألف مليون دولار أميركي، على مناطق عملها في أقطارها الخمسة، لبنان والضفة الغربية بما فيها القدس، غزة، الاردن، وسوريا، وحصة لبنان منها نحو 260 مليون دولار سنويا، تنفق على نحو 250 ألف لاجئ يقيم فيه حاليا، ويتوزعون على 12 مخيما رسميا وبضع تجمعات.
وتتوزع الموازنة المالية على البرامج، الطوارئ والمشاريع، منها 12 مليون دولار تنفق على الصحة من خلال توفير الخدمات في 27 مركزا صحيا، إضافة إلى التعاقد مع عدد من المستشفيات الخاصة، و40 مليونا للتعليم من خلال 64 مدرسة تضم 38 ألف تلميذ بينهم ألف و707 طلاب لبنانيون.
وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن أسباب تأثر اللاجئين في لبنان بوقف التمويل يعود إلى اعتماد غالبيتهم على مساعدات الوكالة وخدماتها الصحية والتربوية تحديدا من جهة، واستمرار حرمانهم من الحقوق المدنية والإنسانية في لبنان بعد سبعة عقود ونيف من نكبة فلسطين من جهة أخرى، ناهيك عن تداعيات الأزمة المعيشية والاقتصادية منذ أربع سنوات.
ويقول أمين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية" في مخيمات لبنان عبد المنعم عوض لـ"النشرة" أن اللاجئين يرفضون قرارات الدول تعليق مساعداتها المالية للوكالة، وهم بصدد تصعيد التحركات الاحتجاجية من أجل التراجع عنها، مؤكدا أن المجتمع الدولي هو المسؤول عن رعاية وتشغيل اللاجئين، معتبرا أن محاصرة الاونروا ماليا يهدف إلى انهاء عملها في الأقطار كافة".
بالمقابل، توقفت أوساط فلسطينية بارزة عن إعادة طرح موضوع جباية فواتير الكهرباء عن المخيمات الفلسطينية في الاجتماع الأخير الذي عقد بين لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني و"الأونروا" و"هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، معتبرة أن توقيته غير مناسب لجهة استمرار العدوان على غزة من جهة والازمة التي تعيشها الوكالة من جهة أخرى.
وكشف مسؤول فلسطيني شارك في الاجتماع لـ"النشرة" أنهم تفاجأوا بطرح الموضوع بعد اعتقادهم أن الهدف تنسيق الموقف الثلاثي "الفلسطيني–اللبناني–الأونروا" في كيفية مواجهة قرارات تعليق التمويل المالي، والبحث عن خطة بديلة بعدما أبلغت كلاوس ان لا خطة بديلة، مما يعني المصير المجهول القاتم وان كان الاعتقاد السائد أن الدول بدأت تفكر بالتراجع عن قراراتها ربطا بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وإقامة الدولتين، على اعتبار "الأونروا" أنها ما زالت أكثر من حاجة وضرورة، وعامل أمن واستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وتوقف المسؤول الفلسطيني عند الجولة الرسمية التي قام المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني لمدة أربعة أيام إلى الإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والمملكة العربية السعودية كجزء من جهوده لحشد الدعم للوكالة في الوقت الذي تواصل فيه الاستجابة للوضع الكارثي في غزة. منوها بمواقف لازاريني الذي حذر فيها من أن عمليات الوكالة المنقذة للحياة في غزة وخدماتها الحيوية في جميع أنحاء المنطقة أصبحت الآن مهددة بشكل خطير في أعقاب قرار بعض شركائها الرئيسيين تجميد تمويلهم.
ودعا شركاء الأونروا الإقليميين إلى المساعدة في الحفاظ على الخدمات الأساسية في قطاع غزة والضفة الغربية، التي تشمل القدس الشرقية، والأردن ولبنان وسوريا. وقال المفوض العام لازاريني: "لطالما اعتمد لاجئو فلسطين على تضامن وسخاء الحكومات والشعوب العربية. ومع القرار الحالي الذي اتخذته بعض الجهات المانحة الرئيسة بتجميد تمويلها للأونروا، فإنني أتوجه إلى الشركاء في المنطقة لمساعدة الوكالة على أن تبقى شريان حياة للاجئي فلسطين".