تميز القرن التاسع عشر باهتمام بارز للإرساليات في دور بيروت الذي يجدر أن يكون في الشرق. هذا الدور الذي يغيب لفترات نتيجة ظروف البلاد الاقتصادية، إلا أنه لا يخفت أبدّا، فبيروت ما برحت البوصلة التي تجمع محبي العلوم، والفنون من مختلف الأقطار القريبة والبعيدة؛ هذا الدور الذي يؤمن به بعض أبنائها فيشعلون على إثره شعلة البناء والتطوير، فيتحول إلى مؤسسات غنّاء في مختلف الميادين تثري الشرق وتساهم في بنائه.
ومن هنا كانت ولادة "مدينة التربية" أو اديوسيتي (EDUCITY)-مؤسسة هدفت لتنظيم المعارض والمؤتمرات في حقول التربية والثقافة والفنّ، بهدف إثراء المواطنين بتجارب لا مثيل لها، تجارب تثري حياتهم، وتمدّهم بعلاقات ومعارف توسّع آفاقهم وتفتح لهم أبوابًا للفرص في المجالات المختلفة.
الولادة التي كانت عام 2014 مع منتدى لبنان للتربية (Lebanon Education Forum) الذي بحث في إشكالية التربية والمواطنة؛ وكرّت بعدها الفعاليّات المميّزة من معرض لبنان للتوجيه والوظائف (Lebanon Career Expo) وهو معرض سنويّ بهدف توجيه الطلاب على المهن والتخصصات ورفدهم بالفرص الوظيفيّة داخل لبنان وخارجه؛ إلى معرض الفنّ العربيّ (Arab Art Fair)بوابة الفنانين التشكيليين العرب لعرض أعمالهم على جمهور واسع من محبي الفنون؛ إلى معرض SchoolTec الذي يجري في لبنان للعام الثاني على التوالي ويهدف إلى أن يكون معرضا وطنيًا للمستلزمات والحلول التعليميّة.
يهدف SchoolTec إلى إظهار كافة التكنولوجيات والتقنيات الحديثة في عالم التربية، ودفع الابتكار في التعليم، وتعزيز التعارف والتعاون بين أهل القطاع، وتمكين مسؤولي المؤسسات التربوية ومديري المدارس والمنسقين والأساتذة من اكتشاف أحدث الحلول والخدمات التربويّة الحديثة، فيكون المعرض دليلًا هامًا وأساسيًا سنويًا لهم لتطوير مؤسساتهم ورفدها بكافة الوسائل الهامة لبلوغ الهدف الأسمى وهو تعليم أبنائنا بطريقة صحيحة وسليمة وتعريفهم بالتقنيات الحديثة.
خلال العام الماضي وفي دورته الأولى استطاع SchoolTec تعريف الزوّار بعدد من الموردين في حقول الحواسيب، والقرطاسية، والحساب الذهني، وأجهزة الروبوتات، واللوحات الذكية التفاعليّة، والتدريب، والبرامج المدرسيّة وغير ذلك الكثير؛ بالإضافة إلى مشاركة ثمانية عشر خبير تربويّ في ندوات تربويّة تطرّقت إلى التكنولوجيات التربوية، والإدارة التربويّة في وقت الأزمات، وكيفيّة تشجيع الأطفال على القراءة، وغيرها.
ننتقل في SchoolTec من رحاب بيروت المدينة، إلى رحاب بيروت الرسالة التربويّة التي ابصرت دورها التربويّ منذ ما يزيد على المائتي عام مع انطلاقة أول مدرسة على أرضها، لتكون بذلك مدينة التربية هي بيروت، والمدينة التي يجدر دائمًا وأبدًا معرفة ما يخبئه القادم من الأيام على صعيد تطوير الحقل التربويّ في المشرق من أرضها.
مدراء مدارس، جامعات، أساتذة ومنسقون، ومعلمون في مختلف الحلقات الدراسيّة، نحن على موعد مع السفينة التي ننتقل بها إلى رحاب بيروت الرسالة أيام 7 و8 آذار 2024، لنخطط ونرسم معًا معالم مدينتنا كما نحلم أن تكون.