رأى المتخصّص في الرّقابة على المصارف المحامي باسكال ضاهر، في تعليق قانوني مقتضب على الفقرة الثّالثة من الصّفحة رقم 27 من قرار مجلس شورى الدولة الرّقم: 2024-2023 /209، الّتي ورد فيها ما يلي: "هذا ومن ناحية أخيرة، فإنّ تقرير إلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة تجاه المصارف، وما تمثّله فعلًا تلك الالتزامات من إيداعات للمودعين لدى المصارف الخاصّة، يشكّل حائلًا دون قيام المصارف من إتمام موجباتها بردّ الودائع عند الطّلب إليها دون أيّ تأخير، وفقًا لما تفرضه أحكام المواد 690 وما يليها من قانون الموجبات والعقود"، أنّ "الأحكام القانونيّة النّاظمة كافّة، تجعل المودع بمنأى عن أيّ استثمار يدخل به المصرف التّجاري".
وأوضح أنّه "قد ورد في الأسباب الموجبة لقانون النقد والتسليف، ما يلي: إنّ استرداد المودع لوديعته المنصوص عليها في المادّة (307) تجارة "يكون تمامًا كاستردادها من صندوقه الخاص"، وورد فيها تحت عنوان "القواعد الأساسيّة لتسيير العمل المصرفي السّليم": "تشكّل الودائع أساس مورد كلّ مصرف، بيد أنّ بقاءها ونموّها لدى المصرف هما جوهريًّا قضيّة ثقة، ثقة المودعين المرتكزة على اليقين من أنّ أموالهم في المصرف هي في مأمن مثلها في صندوقهم (as good as cash)، لأنّ في وسعهم التّصرّف بها في كلّ حين أو في المهل المتّفق عليها، وهذا هو التّعهّد نفسه الّذي يرتبط به المصرف تجاههم بموجب عقد الإيداع. وهذا الموجب يطرح على المصرف مسألة السّيولة الّتي تعني أن يتمكن من جعل موجوداته جاهزة سريعًا وبدون خسارة".
وذكر ضاهر أنّ "إضافةً إلى ذلك، فقد نصّت المادّة 711 من قانون الموجبات والعقود، على ما يلي: "يجب على الوديع أن يردّ الوديعة عينها والملحقات الّتي سلّمت إليه معها، بالحالة الّتي تكون عليها، مع الاحتفاظ بتطبيق أحكام المادّة 714"، وبالتّالي يتوجّب على المصرف التّجاري الالتزام بردّ الوديعة عينها مع ملحقاتها بالعملة عينها الّتي أودعت فيها، ولا يحرّره من ذلك أيّ لستثمار بالمخاطر قد دخل به".
ولفت إلى أنّ "هذا المبدأ يتعزّز في قانون التّجارة البرّيّة، الّذي أفرد له الباب الخامس بعنوان "عمليّات المصارف"، ويمتدّ من المادّة 307 إلى المادّة 314، الّتي تحدّد طبيعة الوديعة سواء أكانت أوراقًا ماليّةً أم مبالغ ماليّة أم مال يودع في الصناديق الحديديّة، وقد ورد في المادّة 307 ما حرفيته: "إن المصرف الذي يتلقى على سبيل الوديعة مبلغاً من النقود يصبح مالكاً له ويجب عليه أن يردّه بقيمة تعادل دفعة واحدة أو عدة دفعات عند أول طلب من المودع أو بحسب المهل أو الإعلان المسبق المعين في العقد".
كما أشار إلى أنّ "نصّ المادة 307 من قانون التجارة، يتكرّس بنصّ واضح وصريح ورد في المادة 123 من قانون النقد والتسليف وفق ما ذكرنا اعلاه. ويتضح مما تقدم، ان هنالك فارقًا شاسعًا بين المؤسسة القانونية لحكم الوديعة، وبين تلك الخاصة بالاستثمارات التي يدخل بها المصرف، لا سيما حين يخالف احكام المادة 121 نقد وتسليف، ولا يجوز الخلط بينهما، لان المودع ليس بمستثمر، اذ يبقى هنا حق المودع بإسترداد وديعته قائم وفق العقد الذي وقعه مع المصرف؛ وذلك بغض النظر عن مدى نجاح هذا المصرف بإستثماره من عدمه".
وفسّر ضاهر أنّ "في الحالة المعاكسة، يصبح المصرف بحال التوقف عن الدفع، الأمر الذي يفيد بأن الحيثية موضوع التعليق قد جانبها الصواب، لأنه من غير القانوني القول إن عدم رد الدولة إلتزاماتها تجاه المصارف يحول دون رد هذه الاخيرة للودائع".