على الرغم من قناعة أغلب الأفرقاء اللبنانيين بصعوبة الوصول إلى حل، بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، إلا أن اللجنة الخماسية تحرص، بين الحين والآخر، على عكس أجواء مغايرة، تصب في إطار السعي إلى إنجاز تسوية، بعيداً عن الربط بين الملفين، الأمر الذي تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول جديته.
في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن الهدف الأساسي من حراك اللجنة المذكورة، التي بات يتم الإرتكاز فيه على نشاط سفرائها في بيروت، هو إظهار أنها على موقف واحد من الإستحقاق الرئاسي، وهو ما يتظهر من خلال التأكيد على هذا الأمر بشكل متكرر، بالرغم من أن الوقائع تثبت عكس ذلك، نظراً إلى وجود تباينات كبيرة بين الدول الأعضاء في هذه اللجنة، لا بل حتى يمكن الحديث عن مخاوف لدى بعضهم من بعضهم الآخر.
وتلفت هذه المصادر إلى أنه في الفترة الماضية كان يتم الحديث عن تنافس بين الدورين القطري والفرنسي، حيث أن باريس كانت هي المبادرة لتقديم الطروحات، أبرزها المقايضة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، التي كانت تتضمن إنتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، قبل أن تصطدم بموقف باقي أعضاء اللجنة الخماسية، الذين كان يرفضون هذه المقايضة، ما دفعها إلى التراجع نحو الخيار الثالث، بينما كانت الدوحة تجري سلسلة من المشاورات مع الأفرقاء المحليين، بغية تشجيعهم على هذا الحراك، الذي كان يقوم على أساس إنتخاب قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية.
وتوضح المصادر نفسها أنه منذ ذلك الوقت برزت مجموعة من المتغيرات التي تستحق التوقف عندها، أبرزها دخول عامل التطورات العسكريّة على جبهة الجنوب، حيث أصبح بين أعضاء اللجنة من يفضل الذهاب إلى تسوية سريعة قبل الوصول إلى إتفاق حول هذه الجبهة، ومن يرى أن الملف الرئاسي من الممكن أن يستخدم من ضمن مقايضة كبرى مع "حزب الله"، الأمر الذي أعلن الأخير أنه يرفضه ولا يطمح إليه بأي شكل من الأشكال.
حتى الساعة، على الرغم من كل ما يطرح من معلومات ليس معلوماً ما إذا كانت اللجنة الخماسية ستجتمع على مستوى أعلى في وقت قريب، ولا موعد زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، التي ضرب لها أكثر من موعد في الفترة الماضية، بينما إكتفى بجولات على بعض الدول الأعضاء في هذه اللجنة.
في هذا الإطار، توضح المصادر النيابية أن كل طرح لا يتضمن خارطة طريق واضحة من قبل اللجنة الخماسية لا يمكن التعويل عليه، وهذه الخارطة يجب أن تتضمن، بشكل أو بآخر، طريقة تواصل مع الفريق الآخر، على إعتبار أنها غير قادرة وحدها على تقديم أي طرح قابل للتنفيذ، أما بالنسبة إلى شعارات رمي المسؤولية على عاتق الأفرقاء المحليين، أو دعوتهم إلى تحمل المسؤولية، فهي لن تقود إلى أي نتيجة، لأن المشكلة أعقد من ذلك.
بالعودة إلى الخلافات بين أعضاء "الخماسية"، تذهب هذه المصادر للحديث عن أن هذا الأمر لم يعد يقتصر على التنافس الفرنسي القطري على الدور القديم، بل بات يشمل الإرتياب من الدور الأميركي لدى بعض الأعضاء، حيث هناك من يعتبر أن واشنطن، من خلال الجهود التي يقوم بها مستشار الرئيس جو بايدن عاموس هوكشتاين، تسعى إلى المقايضة مع "حزب الله"، على إعتبار أن ما يعنيها، في المرحلة الحالية، هو تأمين المصالح الأمنيّة الإسرائيلية.
بالإضافة إلى ذلك، تدعو المصادر نفسها إلى مراقبة الدخول السعودي على خط الملف اللبناني، في الفترة الماضية، حيث تشير إلى أن هذا لا ينفصل عن التباينات الموجودة بين أعضاء "الخماسية"، بل هو تعبير آخر عنها، نظراً إلى أن لدى الرياض أيضاً مخاوفها مما يطرح من حلول ربما تكون على حسابها ومصالحها أو رؤيتها لهذا الملف.