إذا كان هناك من لقب يجدر إعطائه لبيروت فهي عاصمة التربية العربية، ومن لقب يجدر بالمعلم اللبناني أن يطلق عليه، أنه وبلا شكّ المعلّم العربي، الذي علّم اللبنانيين وزرع فيهم حبّ الطموح والتحدّي؛ والذي ساهم في تعليم العرب، قادة، ورموز في مختلف الحقول والمجالات؛ بداية من بيروت وذلك في الجامعات التي أسّستها الإرساليّات المختلفة لتكون من أولى مؤسسات التعليم العالي في المنطقة العربيّة؛ ثمّ إلى مدارس البلدان العربية التي حطّ بها مع أقرانه من المشرق لتشييدها وزرع بذور العلوم فيها.
منذ مئات الأعوام، عَرفت البلاد مفهوم مدرسة السنديانة كأقدم المدارس التي يتم تعليم أبناء القرية فيها، حيث يجلس فيها التلامذة على البسط تحت الشجر، ويقوم فيها المعلّم، أو حكيم القرية بتعليم أصول الأدب فيها إلى أبناء القرية. وفي عام 1895 أحصيت في لبنان نحو 330 مدرسة. ولطالما عُرُف اللبناني بحبّه للعلم، ولطالما أنفق اللبنانيّ ما حصده من عمله على تعليم أبنائه تعليمًا جيدًا. هذه هي رسالة اللبنانيّ منذ مئات الأعوام، فكيف لا يكون منطلقًا لتعليم أبناء المشرق وبلاد العرب!.
بيروت، مدينة العلم، ستشهد في شهر آذار 2024 على الدورة الثانية لمعرض متخصص بالشأن التربويّ، هدفه انارة الطريق لعودة بيروت مركزا حضاريا في المشرق والمنطقة العربيّة. المعرض هو SchoolTec الذي يمثّل أكثر من مجرّد معرض، بل رسالة تربويّة حضاريّة عن أهميّة لبنان، يشمل ندوات ومحاضرات، ويقف ورائه شبابٌ طموحٌ يأمل في ولادة تجربة تكون مدماكاً صلبًا لعودة بيروت إلى دورها التربويّ المنشود الذي لطالما تغنّى به اللبنانيون، ولطالما عمل له البناؤون الأوائل، من المعلّم بطرس البستاني، إلى توفيق يوسف عوّاد، وخليل مطران، وجبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وميشال شيحا وكامل مروّة.
بيروت لا يمكن أن تكون سوى سبّاقة في اظهار العلوم المختلفة، وفي اظهار التكنولوجيات التربويّة، وفي تدريب الأساتذة والمعلمين، وهذا هو دورSchoolTec الذي بدأ العمل عليه العام المنصرم، حيث شهد عام 2023 على ولادة الدورة الأولى والتي ضمّت مؤسسات تعرض منتجاتٍ في حقول مختلفة تتصل بالتربية، حقول تشكّل موردّا أساسيا لكل تربويّ يرغب في تطوير مؤسسته ورفدها بالتكنولوجيات والمستلزمات التربويّة الحديثة لتؤدي الدور المنشود منها. وهذا العام وبرغم التحدّيات المصاحبة العمل لحدث أكبر يضمّ مؤسسات أكثر في حقول متنوعة أكثر، وموردين في حقول مختلفة يمثّلون علامات تجاريّة محليّة ودوليّة سيعرضون أبرز منتجاتهم التربويّة والتعليميّة، والهادفة لتطوير المؤسسات التربويّة.
نعم في لبنان، الدورة الثانيّة، لمعرض يختصّ بالتربية، يعطي صورة لبنان العلم، ولبنان الثقافة، ولبنان الغد. الوطن الذي نحلم به، لا يمكن أن يكون سوى رسالة تربويّة، رسالة كلّ لبنانيّ منذ مئات الأعوام التي زرعها في أبنائه من أجل صناعة التغيير الذي يحلم به ان كان على الصعيد الشخصي أو على صعيد عائلته، وأقرانه، ومجتمعه، ووطنه. فيSchoolTec وبرغم الظروف القاهرة التي يعيشها وطننا، وجنوبنا الحبيب، لا يمكننا سوى أن نحلم بأنّ القادم من الأيام يجب أن يكون جميلّا، فبدون الأمل، لا يمكننا العيش؛ فلنحلم بأن المستقبل هو للتربية. أيام الخميس والجمعة 7 و8 آذار/مارس 2024 سنتنقّل في دروب المستقبل، سنرى برامج، ومناهج، وتقنيات، ومعدّات تتصل بحقل التربية؛ مستلزمات يمكن أن يستخدمها التربويّ ان في الحقل الأكاديمي المدرسيّ، أو الجامعيّ؛ علاقات عمل ستبدأ هناك، وصداقات، ومعارف. SchoolTec في بيروت، ايذانًا بمرحلة جديدة لا بدّ أن تشرق، ولأن الأمل دومًا في الأفق، ولأن الغدّ لا بدّ أن يكون للتربية.
