أشار الرّئيس السّوري بشار الأسد، تعليقًا على المبادئ الّتي يجب أن تتحكم بالدّول عندما تدافع عن شعوبها ضدّ أيّ هجوم عليها، إلى أنّ "المبادئ الأخلاقيّة معروفة، والمبادئ القانونيّة أيضًا معروفة وهي واحدة: يحقّ لك أن تستخدم القوّة العسكريّة للدّفاع عن نفسك من عدو هاجم أراضيك أو سيهاجم أراضيك، أو يسعى بشكل أو بآخر لتحطيم وطنك ومصالحك بشكل من الأشكال، ليس بالضّرورة بالطّريقة العسكريّة المباشرة".
وأوضح، في حديث صحافي، "أنّنا إذا تحدّثنا عن حالة غزة، فالفلسطيني أوّلًا ليس دولة تعتدي على دولة من النّاحية القانونيّة، وليس شعبًا آخر يأتي ليحتلّ دولةً أو أراضي شعب آخر في دولة مجاورة، هو صاحب هذه الأرض، وهو الّذي احتُلّت أرضه، وهو الّذي يُقتل منذ نحو ثمانين عامًا تقريبًا. فلا نستطيع أن نتحدّث عن الوضع اليوم من دون أن نتحدّث عن المشكلة عمومًا، ولا نستطيع أن نتحدّث عن غزة وحدها، فهي جزء من الموضوع الفلسطيني، والموضوع الفلسطيني هو موضوع واحد".
وشدّد الأسد على أنّ "إسرائيل محتلّة ومعتدية، تقتل الفلسطينيّين لأنّهم يدافعون عن أنفسهم، هذا هو بالمختصر، فلا يوجد أدنى مبرّر لا سابقًا ولا حاليًّا لاستخدام إسرائيل القوّة ضدّ الفلسطينيّين، بخلاف الواقع الفلسطيني الّذي يدافع عن نفسه. فهو يستطيع أن يستخدم القوّة لكي يحمي أرواح أبنائه، بالرّغم من أنّه ليس دولة، هم مجموعات من المدنيّين لديهم سلاح كمقاومة، ولكن لا يوجد لديهم لا دولة ولا جيش، فلا يمكن المقارنة بين الجانبيَن الإسرائيلي والفلسطيني في هذه الحالة".
ورأى "أنّنا لا نستطيع أن نتحدث عن غزة من دون أن نتحدث عن الموضوع الفلسطيني، ولا نستطيع أن نتحدث عن حركة "حماس" في غزة من دون أن نتحدث عن الشعب في غزة والشعب في فلسطين، ولا نستطيع أن نتحدث عما حصل في 7 تشرين الأول الماضي من دون أن نتحدث عما حصل في عام 1930 وما بعده حتى اليوم؛ لأنه حالة واحدة".
وعن "صمت عدد من الدّول العربيّة، وعدم اتخاذها خطوات مُنصفة وضروريّة لوقف إراقة الدّماء والذّبح في غزة"، اعتبر أنّ "هذه التقاليد العربية في السياسة على الأقل خلال أربعين عاماً، قبل ذلك يكون الزمن أصبح بعيدًا، لكن في أربعين عامًا نصدر بيانات فقط. هناك أسباب كثيرة لها تتعلق بالوضع العربي. الوضع العربي هو وضع سيئ، ولا نستطيع أن نتحدث عنه كأنه وضع متماسك، فكل دولة عربية تعمل وحدها".
وبيّن الأسد أنّ "الدور الغربي في قرارات الدول العربية قوي، هو دور موجود، وعليه الضغط الغربي لصالح إسرائيل موجود في القرارات العربية، هذه أيضاً حقيقة، كل الشعوب العربية تعرفها. فإذًا لا نستطيع ونحن نقف مع الفلسطينيين أن نأمل كثيرًا من الوضع العربي"، مشيرًا إلى أنّ "أهل غزة ذهبوا باتجاه الحرب، لأنهم يعرفون بأنه لا توجد دولة عربية أو غير عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة ستدافع عنهم، فكان لا بد من أن يدافعوا عن أنفسهم بأيديهم".
أمّا عن العقوبات الأميركيّة المرتقبة ضدّ الرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين، والنّصيحة الّتي يقدّمها له في هذا الإطار، فلفت ساخرًا إلى أنّ "لقائي المقبل مع بوتين ربّما يكون لكي نناقش فيه ماذا نفعل بأرصدتنا في المصارف الأميركية، فهي مشكلة كبيرة. الغرب مضحك وغبي أحياناً"، مذكّرًا بأنّ "الحصار على كوبا بدأ منذ ستين عاماً، وبدأ الحصار على سوريا في عام 1979 وبالعام نفسه على إيران وبعدها على كوريا الشمالية، واستمر يتوسع ويتوسع والآن الحصار على روسيا والحصار على الصين ويستمر الحصار، ما هي النتيجة بعد فترة؟ سيكتشف الغرب بأنه هو المحاصر، لأن الدول تتعامل مع بعضها، والنتيجة أن الدولار يفقد قيمته ويفقد وزنه وهذا شيء جيد".
وأعرب عن اعتقاده أنّ "الحصار الغربي على الدول الأخرى يقوض ويضعِّف الدولار، ويحقق مصالحنا على المدى البعيد، فأنا لا أراه سيئاً، أراه أحمقًا من وجهة نظرنا، ولكن من الأفضل أن يستمروا به لأنه يخدم مصالحنا العالمية، ولا أقصد سوريا وروسيا؛ بل يخدم مصالح معظم العالم على المديَين المتوسط والبعيد".
وعمّا إذا كان توجيه الرّئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقوبات شخصيّة ضده، قد انعكس على نومه، قال الرّئيس السّوري: "أنا منذ ذلك الوقت أتعالج نفسياً على كل الأحوال. هو بالأساس مهرج، هذا دوره كان قبل الرئاسة، ونجح أكثر عندما أصبح رئيسًا في هذا الجانب، أي الكوميديا أكثر من كونه ممثلًا".
وردًّا على وصفه بأنّه "ديكتاتور وطاغية"، وعن كيفيّة تحديد ما إذا كان قادة البلد طغاة أم خدمًا للشّعوب، فسّر أنّ "بالنسبة للدول الغربية باعتبار أنه نظام رأسمالي ورأسمالي متوحش، فالدولة موجودة لخدمة الشركات، والشركات توظف المواطنين، ولكن الدولة ليست موجودة لخدمة المواطنين بشكل مباشر، وإنما عبر مصالح الشركات"، مركّزًا على أنّ "خلال العقود الأخيرة، الطبقة الوسطى في الغرب بدأت تصبح صغيرة جداً لمصلحة الشركات الكبرى والأغنياء الكبار في الغرب، فلذلك بالنسبة لهم هذا المواطن له حق وحيد هو أن يذهب إلى صندوق الاقتراع، هذه هي الديمقراطية، الديمقراطية الغربية ملخصة بصندوق الاقتراع، أي شيء آخر ليس له قيمة".
وتساءل الأسد: "كم مظاهرة خرجت في العالم الغربي ضد الحرب على العراق منذ عشرين عاماً؟ كم مظاهرة خرجت في الأشهر الأخيرة دعماً للفلسطينيين؟ هل تُغير هذه المظاهرات أي شيء من السياسة؟ لا تغير، أنت تستطيع أن تقول ما تريد ولكن بالانتخابات نحن بشكل غير مباشر، سنقول لك من تنتخب. أولاً الخيارات نفسها، لا يوجد لديك خيارات كثيرة، وثانياً الإعلام مع الشخصيات المشهورة ستؤدي دوراً مخططاً لها وأنت ستنتخب كما تريد".
وأوضح أنّ "بالنسبة لموضوع الديكتاتورية والديمقراطية، لا يمكن لدول قتلت عشرات الملايين بعد الحرب العالمية الثانية، أنا لا أتحدث عن الحرب العالمية، من الحرب الكورية حتى اليوم عشرات الملايين من المواطنين أو الأبرياء قُتلوا في العالم بسبب السياسات الغربية وبشكل مقصود، هجموا واحتلوا العراق فأفغانستان وليبيا وسوريا وغيرها من الدول، هل يحق لهؤلاء أن يتحدثوا بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان، أو بالقانون الدولي أو بالأخلاق؟".
وأضاف: "إذا سمعت تقييماً من هؤلاء، فهو لا يختلف عن شخص لص في الشارع يأتيني ويشتمني، أقول له لا قيمة لكلامك. الحقيقة أن كلام المسؤولين الغربيين ليس له قيمة، لم يعد له قيمة، لذلك علينا ألا نضيع وقتنا في تقييمهم، هم أقل من أن يقولوا من هو جيد ومن هو سيئ".
وعمّا إذا كان يتوقّع فوز الرّئيس الأميركي جو بايدن أو سلفه دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لفت إلى أنّ "الشكل الإعلامي والإحصائيات تقول إن ترامب سيفوز، أما بالنسبة لنا دائماً فنقول الرؤساء الأميركيون متشابهون. كلاهما مدير تنفيذي، ولا واحد منهما يصنع السياسة، علينا أن نسأل من هو صانع السياسة الحقيقي الذي يعمل خلف ستار الذي سيفوز، هو نفسه، اللوبيات والإعلام والمال أقصد المصارف، والسلاح والنفط؛ هو الذي سيفوز بكل الأحوال".