على الرغم من الدعم الأميركي المستمر للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن هذا لا يلغي أنّ لواشنطن خلافات كبيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، دفعت الرئيس الاميركي جو بايدن، في أكثر من مناسبة، إلى توجيه إنتقادات علنية للحكومة الإسرائيلية، بسبب التداعيات التي يتركها هذا العدوان على صورة بايدن، الذي يخسر التأييد الذي كان يحظى به من قبل الجاليات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة، في مواجهة منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب.
إنطلاقاً من ذلك، لا يمكن التعامل مع زيارة العضو في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس لواشنطن، للاجتماع مع مسؤولين أميركيين ومناقشة وقف موقت لإطلاق النار والحاجة إلى زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية لغزة، على أساس أنها تفصيل بسيط، خصوصاً أن غانتس هو المرشح الأبرز لخلافة نتانياهو في رئاسة الحكومة، بينما هذه الزيارة لم تأتِ بالتنسيق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي تفاجأ بها.
في هذا الإطار، من الممكن وضع هذه الزيارة في سياق الضغط الأميركي على نتانياهو، الذي من غير المتوقع بالطبع أن يصل إلى مرحلة التخلّي عنه، نظراً إلى أن إلتزام واشنطن بدعم تل أبيب يتخطى الأشخاص، لكنه في المقابل هو رسالة من قبل بايدن بأنه يفكر في المرحلة التي تلي إنتهاء العدوان على المستوى الإسرائيلي، على أساس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي لا يمكن أن يستمر في موقعه، كما أنّ لدى واشنطن بدلاء مفضلين لها.
هذه الخلافات الاسرائيلية-الاسرائيلية قد تشكل طوق نجاة لبايدن وإدارته للخروج من المستنقع الذي وجدت نفسها فيه، وهذه الخلافات تكبر وتتوسع بعد الحديث عن استقالات واسعة في طاقم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دنيال هاغاري، على خلفية نتائج الحرب في قطاع غزة، وبظل ما تكشفه مصادر متابعة عن خلافات أوسع داخل الكابينت الاسرائيلي حول إدارة الحرب وملف التفاوض لاستعادة الأسرى، والملفّ الأبرز هو ما بعد الحرب على غزة.
تُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن إدارة بايدن سئمت وعود نتانياهو الذي بات مشروعه واضحاً وهو إطالة أمد الحرب حتى الانتخابات الأميركية، فلم يعد خافياً على بايدن أن رئيس الحكومة الاسرائيلية يتمنى خسارته وعودة ترامب الى الحكم، لذلك يتحدثون في اسرائيل عن أن إفشال نتانياهو لصفقة الهدنة خلال شهر رمضان سترفع منسوب التوتر بين الادارة الأميركية ورئيس الحكومة الاسرائيلية الى حدوده القصوى، وربما لا يكون أمام الأميركيين سوى التوجه نحو مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بوقف الحرب ولو دون الإشارة الى ذلك بشكل مباشر.
يحاول نتانياهو محاربة زيارة غانتس الى أميركا عبر تصويرها وكأنها اجتماعية، ولكنها قد تكون مقدمة لمرحلة أخرى متقدمة من العلاقات السيّئة بين بايدن ورئيس الحكومة الاسرائيلية، خاصة أن بايدن بات يشعر بالإحراج داخل حزبه الديمقراطي لعدم قدرته على ضبط اسرائيل، بما يجعل صورة الأميركيين مهتزّة على صعيد الرأي العام العالمي، وضعيفة للغاية، وهو ما يؤثر كثيراً بقرارات الاميركيين الانتخابية، خاصة أن الرئيس الاميركي لمس بشكل مباشر حجم التأثير للحرب على أصوات الناخبين وفي أكثر من ولاية.
في اسرائيل يتوقعون الوصول قريباً الى مواجهة علنية بين إدارة بايدن ونتنياهو، ويعتبرون أن "استمرار التصعيد من شأنه أن يشمل امتناعاً أميركياً عن استخدام الفيتو على قرارات ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي، أو حتى إبطاء شحنات الأسلحة والذخيرة إليها". فهل يحصل هذا الأمر قريباً؟.