لفت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال عظته في عيد القديس يوسف في معهد مار يوسف للآباء اللعازريين في عينطورا، إلى أنّ "في الظّرف الدّقيق من حياة لبنان، سياسيًّا واقتصاديًّا وماليًّا وأمنيًّا، يشعر شبابنا بعدم الاستقرار، ويفقدون الثّقة بالسّياسيّين وبالوطن اللّبناني. ترانا أمام واجب إذكاء الثّقة بنفوسهم وصمودهم حتّى ينتهي اللّيل ببزوغ الفجر الجديد"، موضحًا أنّ "هذا يقتضي وعيًا وإدراكًا وقراءة لعلامات هذا الزّمن. فأعود هنا لأنوّه بمسؤوليّتنا المشتركة: كنيسة وأهلًا ومدرسة. صحيح القول إنّ الشّخصيّة تُقاس بمقدار ما تزرع من أمل في النّفوس".
وأشار إلى أنّه "كم من دولة هُدمت في الحروب قصفًا واحتلالًا وقتلًا وتشريدًا، ومع ذلك عاد أبناؤها وأعادوا إعمارها بأيديهم. نحن بحاجة إلى تربية تحملنا إلى إعادة بناء وطننا لبنان حجرًا وبشرًا، والنّهوض به سياسيًّا واقتصاديًّا وماليًّا، وإعادة بناء وحدتنا الوطنيّة والثّقة المتبادلة. "فلبنان قيمة حضاريّة ثمينة" (القديس البابا يوحنا بولس الثّاني)".
ودعا الرّاعي إلى أن "تنظر أجيالنا الطّالعة إلى الدّاخل اللّبناني قبل النّظر إلى الخارج. فالخارج أعاد بناء بلاده بيديه. فكم نخجل من ذواتنا عندما نرى الدّول تعتني بضرورة انتخاب رئيس لبلادنا، فيما زعماء التّعطيل يهزؤون منهم في نفوسهم، بل يتوقون إلى فشل كلّ مبادرة أكانت من الدّاخل أم من الخارج؛ وهذه وصمة عارٍ على جباههم".
وذكر أنّ "بالأمس زارتنا لجنة السّفراء الخماسيّة، وأطلعتنا على نشاطاتها وتطلّعاتها وخريطة عملها، فقدّرنا تعبها وجهودها وتمنّينا لها النّجاح، وأعربنا عن استعدادنا لموآزرتها"، كاشفًا "أنّنا قلنا لسفراء هذه الدّول الصّديقة والفاعلة بجديّة لخلاص لبنان: ستّ سنوات مضت في عهد رئيس الجمهوريّة السّابق ميشال عون، ألم تكن كافية للتّوافق على شخص خلفه؟ وها الجمهوريّة من دون رئيس وتعيش في حال من الفوضى منذ سنة ونصف السّنة، فماذا فعلوا من أجل التّوافق على شخص الرئيس؟".
كما أعلن "أنّني صارحت السّفراء أنّ طريق الحلّ مرسوم في الدستور، وأنّ التّوافق على شخص، على الرّغم من جمال الكلمة، منافٍ للدّستور وللدّيمقراطيّة وللمنطق في جوّ الانقسام السّائد في البلاد. فالتّوافق كما نرى يعطي حقّ الفيتو على الأشخاص، ويخلق العداوات مجّانًا في عائلتنا اللّبنانيّة". وشدّد على أنّ "هناك فرقًا كبيرًا بين وضع فيتو على هذا أو ذاك من الأشخاص وعدم التصويت له".
وأكّد الرّاعي أنّ "الحلّ هو في الذّهاب إلى المجلس النيابي وانتخاب الرّئيس وفقًا للمادّة 95 من الدّستور، من بين الأشخاص المطروحة أسماؤهم أو غيرهم وكلّهم جديرون، وذلك في جلسات متتالية. وبنتيجة الاقتراعات، يتوافق النّواب على اختيار الرّئيس الّذي تحتاج إليه البلاد في الظّروف الرّاهنة، والّذي يحصل على العدد المطلوب من النّاخبين يكون هو الّذي يتوافقون عليه".