على الرغم من الصعوبات التي يُقر بها مختلف الأفرقاء، بالنسبة إلى مصير الإستحقاق الرئاسي، يُصر سفراء اللجنة الخماسية على إستكمال التحرك الذي يقومون به، من دون أن يقدموا أي طرح واضح من الممكن أن يقود إلى الإنتهاء من هذا الملف، حيث التركيز لا يزال على معادلة العموميات، القائمة منذ تاريخ دخول البلاد الشغور الرئاسي بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.
إنطلاقاً من ذلك، يصبح من الضروري السؤال عما إذا كان كل هذا الحراك يأتي من فراغ، كما يحاول البعض الإيحاء، نظراً إلى أن هؤلاء السفراء ما كانوا لفعل ذلك، فيما لو لم يكن لديهم ما يدفعهم إلى التحرك، خصوصاً بعد الإنتقال إلى مرحلة الجولات على القيادات السياسية المعنية.
في هذا السياق، تؤكد مصادر نيابية، عبر "النشرة"، أن هذا الحراك لا يعني إقتراب الحسم في الملف الرئاسي، لكن في المقابل هو لا يأتي من فراغ، بل هناك ما يدفع هؤلاء إلى التحرك، ضمن معادلة تمهيد الأرضية للإستفادة من أي لحظة مناسبة، حيث تلفت إلى أنهم، إنطلاقاً من مبادرة تكتل "الإعتدال الوطني"، يسعون إلى معالجة بعض النقاط الخلافية، وهو ما دفع السفير المصري علاء موسى إلى الحديث عن التوافق على ملامح خارطة طريق للتحرك في الفترة المقبلة.
بناء على ذلك، تُقر هذه المصادر أن الحسم الرئاسي لن يحصل قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة، بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، وتشير إلى أن هذه المعادلة بات يدركها الجميع دون إستثناء، لكن في الفترة الفاصلة هناك من يعتبر أنه من الممكن معالجة بعض الأمور، التي قد تكون مكملة للمشهد العام، لكنها تشدد على أن المسألة ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، خصوصاً أن الأفرقاء المحليين يتوقفون عند كل نقطة تطرح عليهم.
إنطلاقاً من معادلة الزمان والمكان المناسبين لإنطلاق البحث الفعلي بهذا الملف، تؤكد المصادر نفسها أن الساحة اللبنانية، على الهامش، تشهد تحركات غير جدية عنوانها الأساسي تمرير الوقت أو التسلية، حيث تشير، على هذا الصعيد، إلى إستمرار بعض الأفرقاء في عملية رمي أسماء المرشحين، من منطلق التسويق لبعضها أو محاولة إحراق بعضها الآخر، بينما الجميع يدرك أن كافة السيناريوهات لا تزال قائمة، طالما أن صورة التوازنات التي ستحكم التسوية لم تتضح بعد.
في مقابل هذه الصورة، تذهب مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى الحديث عن 3 توجهات خارجية بارزة في الوقت الراهن، بينما هناك آخر لم يتضح معالمه لكن لا يمكن إنجاز أي واحد من دونه، وتلفت إلى أن الأول هو الفرنسي، العاتب على الأميركي بسبب سعيه للامساك بكافة الملفات، بعد فترة من السماح كانت قد منحت إلى باريس، وهو ما دفعه إلى التراجع. أما الثاني فهو الأميركي، الذي يركز على الملفّ الحدودي، وبالتالي ليس هناك ما يستحق التوقف عنده بالنسبة إلى كل ما يطرح رئاسياً من وجهة نظره.
بين الطرحين، بحسب هذه المصادر، يأتي الحراك القطري الذي، على عكس الفرنسي، يعمل منذ اليوم الأول وفق معادلة الابتعاد عن الأضواء، بالرغم من كل ما يُطرح حول أسماء تم تبنيها في المرحلة الماضية، وتلفت إلى أن الدوحة، الأكثر قدرة على التواصل مع جميع الأفرقاء، تملك ورقة التمهيد إلى المرحلة المقبلة، من دون أن يعني ذلك الذهاب إلى المبالغات التي يقوم بها البعض، فالتمهيد لا يعني الحسم، على إعتبار أن التسوية تنتظر ما هو أبعد من الساحة اللبنانية، التي ستكون جزءاً مما هو أكبر، وبالتالي ليست هي العامل الأساسي في إبرامها أو في توازناتها.
في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ بين كل التحركات الماضية، يبقى السؤال عن دورين أساسيين: الأول هو السعودي الذي كان قد أظهر، في فترة ماضية، رغبة بالعودة إلى هذه الساحة، لكنه لم يتولَّ قيادة أيّ حراك فعلي، أما الثاني فهو الجانب الإيراني، الذي يفضل اللعب في الخطوط الخلفية، حيث لا يمكن تجاهل المفاوضات التي تخوضها طهران مع واشنطن أو مع الرياض، والتي من المفترض أن تتناول الملف اللبناني.