أعرب رئيس حزب "الكتائب اللّبنانيّة" النّائب سامي الجميل، عن خشيته من حلّ يأتي على حساب لبنان، "بتلزيم إدارة شؤون البلد إلى "حزب الله"، كما حصل في بداية تسعينيّات القرن الماضي، يوم عهد بالأمور في لبنان إلى سوريا". ورأى أنّ "حزب الله لن يفرّط في ورقة قويّة في يده، ويفرج عن الاستحقاق الرّئاسي اللّبناني، قبل تبيان نتائج الحرب في غزة وجنوب لبنان".
وكشف، في حديث إلى صحيفة "الأنباء" الكويتيّة، عن "عرض فرنسي سابق من الموفد جان إيف لودريان، بالقبول بتسوية تحمل رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، في مقابل اختيار المعارضة هويّة رئيس الحكومة"، مشيرًا إلى أنّ "الموفد الفرنسي ذكّر بتجربة الفراغ الرئاسي الثّالث في تاريخ الجمهوريّة اللّبنانيّة بعد 1988 و2007، وقد انتهى بانتخاب مرشّح "حزب الله" العماد ميشال عون رئيسًا، بعد انتظار أكثر من سنتين".
وبيّن الجميّل أنّ "حظوظ فرنجيّة حاليًّا أقوى من تلك الّتي كان عليها عون، ذلك أنّ فرنجيّة ينطلق من دعم 51 نائبًا اقترعوا له في الجلسة الأخيرة، في حين أنّ البلد كلّه (المكوّنات السّياسيّة والنّيابيّة) كان يقف ضدّ عون، الّذي انطلق من كتلة نيابيّة متوسّطة تضمّ نوّابه ونوّاب "حزب الله". ووصل إلى الرّئاسة و"شفنا شو صار بالبلد".
وأكّد "عدم القبول برئيس من قبل فريق يتغلّب على فريق آخر"، داعيًا إلى "انتخاب رئيس جامع قادر على توحيد اللّبنانيّين، رئيس يفتح النّقاش ويفاوض "حزب الله" على كلّ المسائل السّياسيّة، لاستعادة قرار الحرب والسّلم من قبل الدولة اللبنانية، لاستعادة سيادة الدّولة، ورئيس لا يثبّت انتصار فريق على آخر".
كما لفت إلى "حائط مسدود نواجَه به حاليًّا من قبل الحزب"، ورفض التّعليق على ما يُنسب إلى رئيس مجلس النّواب نبيه بري من القبول بمرشّح "خيار ثالث"، مفضّلًا "انتظار معرفة ذلك من برّي، وليس ممّا يتناهى إلينا من شائعات"، ومنوّهًا إلى غياب التّواصل "من زمان مع برّي".
وشدّد الجميّل على أنّ "القرار في الإفراج عن الاستحقاق الرئاسي ليس عند اللجنة الخماسية أو برّي أو مجلس النواب، بل هو عند "حزب الله" الواضع يده على البلد، متّخذًا منه رهينةً بين يديه". كما رفض تصنيف ترشيح قائد الجيش اللّبناني العماد جوزف عون في خانة "المواجهة" أو "الخيار الثّالث"، معتبرًا أنّ "الموضوع عند العماد عون، وهو يصنّف نفسه يوم يقرّر التّرشّح، فيتموضع في هذا المكان أو ذاك. نحن في حزب "الكتائب" لا نقوم بمناورات في السّياسة، ولا ننتخب في المجهول، بل نقترع لمشروع سياسي واضح بعد الاقتناع به".
وركّز على أنّ "المدخل الحقيقي إلى الحلّ في أزمة الفراغ الرئاسي، يكمن في إعلان "حزب الله" التّخلّي عن ترشيح فرنجيّة، واستعداده البحث باسم يلقى قبولًا من الشّرائح السّياسيّة. وهذا الأمر غير متاح حاليًّا، نسبةً إلى التّطوّرات في غزة وجنوب لبنان، وطالما أنّ الحزب قادر على تحقيق مكاسب في الدّاخل، أسوةً بما حصل بدعمه لوصول عون إلى الرّئاسة".
وأشار إلى "طمأنة دوليّة للأفرقاء من المعارضة، حول عدم حصول تسوية على حساب لبنان، إلّا أنّ احتمال حصول ذلك يبقى واردًا"، موضحًا أنّ "ترشيح فرنجيّة لم ينتهِ، ولا مشكلة شخصيّة معه، بل نختلف في السّياسة حول موقفه الدّاعم للحزب؛ ونحن لن نشارك في خراب البلد. عون سلّم البلد في عهده إلى الحزب، فانهار البلد وتمّ تدمير كلّ مقوّمات الدّولة".
وذكر الجميّل أنّ "الوزير الأسبق جهاد أزعور صاحب بروفايل جيّد، لكنّهم شيطنوه"، حاسمًا موقفه من إمكانيّة الاقتراع لفرنجيّة بالقول: "لا لفرنجية، وبدّك تشوف غيرنا".
إلى ذلك، استبعد "حصول هدنة في غزة وانسحابها تاليًا على جنوب لبنان، قبل تحقيق إسرائيل أيّ من الأهداف الثّلاثة الّتي حدّدتها، وهي تحرير أسراها والقضاء على "حماس" وتأمين الأمن في غلاف غزة. في المقابل، سيستعمل "حزب الله" هذه الورقة في المفاوضات الّتي يجريها مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، والخشية أن تكون مكافأة الحزب وصول فرنجيّة إلى رئاسة الجمهوريّة".
ودعا إلى "جبهة مهمّتها استعادة سيادة الدّولة اللّبنانيّة من "حزب الله"، وتحرير قرار الدّولة". ورحّب بعودة "التيار الوطني الحر" إلى موقعه قبل 2006 (تاريخ إعلانه وثيقة التّفاهم مع "حزب الله")، كاشفًا عن تواصل غير شخصي مع رئيس "التّيّار" النّائب جبران باسيل. ووصف الأخير بـ"الحليف الاستراتيجي للحزب، ويختلف معه على التّكتيك حاليًّا، ونأمل انتقال الخلاف إلى الاستراتيجيّة. المسألة تتعدّى رفض "التيّار" لوحدة السّاحات، إذ نريد منه إعلان رفضه للسّلاح غير الشّرعي".
ورفض الجميّل أيضًا "ازدواجيّة السّلاح المدرَجة في البيانات الوزاريّة للحكومات اللّبنانية المتعاقبة"، مضيفًا: "نحن نعاني غياب ميزان القوى في البلاد، وتشتّت المعارضة، ولا يكفي تجمّع 31 نائبًا في جبهة رفض، ويجب العمل على ضمّ كلّ الشّخصيّات والمجموعات السّياسيّة، للعمل على تحرير قرار الدّولة اللّبنانيّة".