أشار سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، إلى أنّ "الخلاف بين الإدارة الأميركية وإسرائيل جدّي هذه المرّة، وهو بدأ من الدّاخل الإسرائيلي حيث يُسجّل انقسام حادّ بين تيّارات عدّة، وصولًا إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث يشهد الشّارع حركة استياء جرّاء استمرار الحرب في غزة والدّعم الأميركي لها".
ولفت، في حديث إلى صحيفة "الدّيار"، إلى أنّ "مجموعةً سياسيّةً قد تأسّست في ميشيغن، وتضمّ أميركيّين عرب ومسلمين أغلبيّتهم شباب ليبيراليّين، قد نجحوا وكوّنوا نوعًا من اللّوبي في الدّاخل الأميركي، وهو، وإن كان لا يغيّر من نتائج الانتخابات الأميركيّة، إلّا أنّه قادر على تشكيل ضغط من الدّاخل، يُضاف إليه ضغط من الدّاخل الأميركي، حيث أنّ الواقع لم يعد كما كان عليه في السّابق، عندما كان أيّ انتقاد لإسرائيل يؤدّي على الفور إلى خسارة أصوات اليهود في أميركا في الانتخابات الرّئاسيّة".
وعن أسباب هذا التّغيير في الاتجاهات لدى الرّأي العام الأميركي، أوضح طبّارة أنّه يعود إلى "الانقسام أوّلًا في إسرائيل، ولذلك فإنّ الأصوات المؤيّدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو باتت تعادل الأصوات المنتقدة له ولحربه على غزة، وبالتّالي حصل نوع من التّعادل في النّفوذ والأصوات في هذه المرحلة".
أمّا عن طبيعة الخلاف بين الأميركيّين و الإسرائيليّين اليوم، فرأى أنه "قد أصبح جوهريًّا، ذلك أنّ واشنطن لا تريد حربًا في المنطقة، بينما نتانياهو ولأسباب شخصيّة فقط، يريد توسيع الحرب من غزة إلى ساحات أخرى في المنطقة، ومن بينها لبنان".
وركّز على أنّ "نتانياهو لا يعمل من أجل مصلحة إسرائيل أو مصلحتها، وبالتّالي فإنّ الموقف الأميركي الدّاعم بالمطلق لإسرائيل قد تغيّر، وزالت الـ"كارت بلانش" الأميركيّة لنتانياهو، بسبب الانقسام داخل إسرائيل وفي صفوف الجالية اليهوديّة في أميركا".
كما اعتبر طبّارة أنّ "هذا الخلاف لن يصل إلى درجة العداوة، بل هي نوبة غضب وتباينات وليس أكثر، ولن تتطوّر إلى حدّ كبير، بل باتت تقتصر فقط على رأس نتايناهو، بمعنى أن أيّ تغيير في الحكومة الإسرائيلية سيزيل كلّ أسباب الخلاف"، مشدّدًا على أنّ "نتانياهو اليوم في حالة يُرثى لها، ولا يسانده إلّا المتطرّفون في الدّاخل والخارج، وحكومته منقسمة وبدأ يمارس سياسةً عشوائيّةً ويتخبّط في أدائه المجنون".
وتوقّع "مع حصول أيّ تغيير حكومي في إسرائيل، أن تعود العلاقات إلى طبيعتها، لأنّه ليس من مصلحة واشنطن أن يستمرّ الخلاف، كما أنه ليس من مصلحة إسرائيل معاداة أميركا، لأنّه خلال حربها في غزة، أقامت واشنطن جسرًا جوّيًّا لتأمين الأسلحة؛ لكي تتمكّن إسرائيل من مواصلة الحرب".
وأضاف: "كبش الفداء لترميم العلاقات وتخفيض التوتّر سيكون رأس نتانياهو، ومع سقوط حكومته ستبرد الأمور وسيعود التّفاهم بين الجانبين، ولكن الخلاف سيبقى حول الخطوة التّالية وما تريده واشنطن، وما تريده إسرائيل المنقسمة إلى أكثر من تيّار متطرف أو مؤيّد لأهالي الأسرى، أو رافض لأيّ اتفاق للإفراج عن الأسرى". وأشار إلى أنّ "الخلافات لن تزول نهائيًّا، لأنّ أميركا لا تريد حربًا طويلةً في غزة، وأن تنفّذ إسرائيل مشاريع استيطان في غزة، ولكن لن تتطور الأمور إلى درجة القطيعة، وإن كان التوتّر سيبقى حتّى ذهاب نتانياهو".