لفت راعي أبرشية أستراليا ونيوزيلاندا وأوقيانيا المارونيّة المطران أنطوان-شربل طربيه، إلى أنّ "الاحتفال السّنوي بعيد القيامة، يحمل لنا فرحًا روحيًّا وكنسيًّا، ويملأ قلوبَنا ببهجة العيد، لأنّنا نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ المسيح قام، وحقّق انتصارًا نهائيًّا على الخطيئة والشّرّ والموت".
وركّز، في رسالة وجّهها لمناسبة عيد القيامة بعنوان "ودخل يسوع والأبواب مغلقة"، على أنّ "إيماننا بالقيامة يفتح أبوابَ حياتنا لاستقبال ثمار السّر الفصحي. وأبرز هذه الثّمار أنّ المسيح بموته حرّرنا من الموت، وبقيامته حرّرنا من الخطيئة، ومهّد لنا الطريق إلى الحياة الجديدة، فبرّرنا بتوبتنا إليه، وهكذا دخلت نعمة الله من جديد إلى قلوبنا وحياتنا".
وأشار المطران طربيه إلى أنّ "مِن حَدَث القيامة إلى حَدَث الصعود، اختار الرّبّ يسوع أن يلتقي من جديد مع رسله وأحبائه، ليثبّتَ إيمانهم فيه وبقيامته، فينطلقوا إلى البشارة بإنجيله. ويروي الإنجيلي يوحنا قصّة لقاء يسوع مع الرّسل حيث كانوا مجتمعين ومختبئين خوفًا من اليهود، فدخل الرّبّ المسيح المكان، والأبوابُ مغلقة، وقال لهم "سلامٌ عليكم! كما أرسلني الآب كذلك أنا أرسلكم".
وذكر أنّ "الرّبّ يسوع يتراءى للرّسل بعد قيامته، ويحدّد لهم رغبتَه بأن يخرجوا للتّبشير بإنجيل الحياة وبقيامته. لكنَّ هناك تناقضًا واضحًا، فبينما ينعزل الرّسل ويوصِدوا الأبواب نتيجة الخوف والحيرة، يأتي يسوع ليزيل الخوف من قلوبهم، ويزرع مكانَه الشّجاعة والرّجاء، لأنّه يريد منهم أن يُشرّعوا الأبواب ويخرجوا إلى العالم لإعلان البشارة؛ ويدعو الجميع إلى التّوبة والخلاص والسّلام بقوّة الروح القدس".
كما أوضح أنّ "الرّسل بعد رؤيتهم موتَ يسوع على الصليب، دخل الحزنُ الشّديد إلى نفوسهم، والألم العميق إلى قلوبهم، واجتاح حياتهم الخوف، وأصبحوا لا يدرون ماذا سيفعلون، أو ماذا سيحصل لهم بعد ذلك، فاختبأوا في غرفة يصعب الوصول إليها وأغلقوا الأبواب. لكنَّ الرّب يسوع المسيح يعرف تمامًا أين يجدُهم، وكيف يصل إليهم لينتشلَهم من حالة الحزن والإحباط".
وشدّد طربيه على أنّ "في تلك اللّحظات، لم يكن الرّسل يعرفون ماذا يريدون أو ماذا يفعلون، لكن في أعماق قلوبهم كانوا يتمنَّون رؤية يسوع من جديد، وفي الوقت عينه كانوا يعلمون أنّ ذلك مستحيل في المنطق البشري، ولكن "ليس على الله أمرٌ عسيرٌ"، مؤكّدًا أنّه "أن يبحث يسوع عنهم ويأتي إليهم وهم في هذه الحالة من الحزن والخوف والكآبة، هو عنوان الرّجاء ومفتاح الحياة الجديدة وانطلاقة البشارة".
وتوجّه إلى المؤمنين قائلًا: "عندما تكون الأبواب موصدةً في وجوهنا ولا نعرف كيف نفتحها، وعندما نكون في حالة من الخوف، نحاول أن نبتعد ونبحث عن مكان آمن لنلجأ اليه. في تلك اللحظات، علينا أن نُدركَ تمامًا أنّ الأبواب الموصدة والخوف والحيرة لا يمكنها أبدًا أن تمنع الرب يسوع من البحث عنّا والوصول إلينا، ليشفيَنا بفيض حبه، ويعطينا حنانه وسلامَه، ويَفتح من جديد أمامنا طريق الحقّ والحياة".
وبيّن أنّ "اليوم أيضًا، يدخلُ المسيح القائم من الموت بيوتنا وقلوبنا، على الرّغم من أنّ الأبواب قد تكون موصدةً أحيانًا. يدخل ويصالحنا مع أبيه ومع بعضنا البعض، ويمنحنا الفرح والسّلام والرّجاء، هِبات نحن بأمسّ الحاجة إليها كي نولد من جديد؛ ونصبح فعلًا بنات الله وأبناءَه بالرّوح والحق".
وأضاف طربيه: "في هذه السنة، سنة الصّلاة كما أعلنها البابا فرنسيس، نصلّي مع بعضنا البعض ومن أجل بعضنا البعض. نصلّي لكي يعطيَنا الرّب القوّة على فتح الأبواب المغلقة في حياتنا، أبواب الرّحمة والمصالحة مع الآخر وقبوله كما هو. نصلّي من أجل فتح أبواب السّلام وإيقاف الحروب في العالم، خصوصًا في الأراضي المقدسة وأوكرانيا. ونصلّي أيضًا من أجل لبنان وشعبه المعذّب، طالبين من الرّبّ يسوع أن يأتي إلينا اليوم، رغم الأبواب الموصدة والغرف المغلقة والمظلمة ورغم الخوف على المصير؛ ويقول: "سلامٌ عليكم، سلامي أعطيكم، لا كما يعطيه العالم أعطيه أنا".