لفت مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ عبد اللطيف دريان، إلى أنّ "في نهايات شهر رمضان المبارك، يستحقّ الأمر أن نصغي إلى نداءات القلب والعقل في نشر رسالة رمضان في فضائل الرّحمة والتّراحم، والعفو والتّسامح، وأخلاق الإحسان والاعتدال"، مشيرًا إلى "الوضع المأساويّ في قطاع غزة، حيث هلك ويهلك عشرات الآلاف بنيران العدو الصّهيوني، الّذي يهدم العمران، يدمّر البنيان، ويهين الإنسانيّة والإنسان".
وركّز، في رسالة وجّهها من مكّة المكرّمة إلى المسلمين خاصّةً واللّبنانيّين عامّةً، بحلول عيد الفطر السّعيد الآتي، على أنّ "عدوان الكيان الصّهيوني امتدّ إلى جنوب وعمق لبنان، وما زال القتل يفتك بهذه النّخب الشّابّة، واستولى التّهجير على أهلينا، وتجدّدت مأساة لبنان الّتي تكرّرت مرّات عدّة؛ قتلًا وتهجيرًا ومصادرةً للأراضي والدّيار".
وشدّد المفتي دريان على أنّ "اللّبنانيّين يعمّرون والصّهاينة يهدمون، حتّى في المسجد الأقصى وفي مسجد سيدنا إبراهيم في الخليل، تُقام الصّلوات تحت رقابة بوليسيّة صهيونيّة مشدّدة، والمستوطنون والمتشدّدون يقتحمون الأقصى ويعتدون على المصلّين".
وأكّد أنّ "العدوان الصّهيوني المستمرّ على أرض فلسطين وجنوب لبنان وعمقه، هو الّذي يحول دون إحلال السّلام، ودون اطمئنان أهل الجنوب إلى سلامة عيشهم وحياتهم وممتلكاتهم، وزراعتهم وصناعتهم".
كما بيّن أنّ "مصاب الفلسطينيّين الجلل، ومصاب اللّبنانيّين كذلك، أظهره شهر رمضان جليًّا للعالم مع انطلاقة "طوفان الأقصى"، فأضحت قضيّة فلسطين قضيّة عالميّة تؤرق ضمائر أحرار العالم ومؤسّساته، إلى أن يكون هناك حلّ عادل ينجز الحقوق الوطنيّة لأهلنا في فلسطين، ويضع نهايةً للاحتلال الصّهيوني الغاشم؛ ومذابحه الّتي لم يشهد التّاريخ مثيلًا ببشاعتها ودمويّتها". وسأل الله "الرّحمة للشّهداء الأبرار، والشّفاء العاجل للجرحى، والإنقاذ للجوعى والمعذّبين والثكالى في غزة وسائر فلسطين".
وجزم دريان أنّها "مأساة العصر وجريمته الكبرى الّتي تقطّع القلوب وتقطع الأنفاس"، لافتًا إلى أنّ "ما يحدث في غزّة والجنوب اللّبناني يثير مشاعر الغضب، ويبعث في النّفوس نشوة الكرامة الّتي أثارها فينا أبطال غزّة وفلسطين وجنوب لبنان".
وأوضح أنّ "الأوضاع الصّعبة الّتي يمر بها وطننا لبنان، ليست بسبب حرب غزة فقط، بل هي تعود لسنوات خلت وسنوات. وكنّا ننتظر من المسؤولين السّياسيّين ومن الاقتصاديّين والقضاة والإداريّين، كلّ في مجاله، أن يضع مسؤوليّته نصب عينيه، كي لا يُعيَّر بالإهمال أو الفساد، لكنّ الّذي حدث من جانب هؤلاء جميعًا؛ وَضع بلادنا على شفير الانهيار".
وذكر أنّ "الحكّام هم المسؤولون، أو ينبغي أن يكونوا مسؤولين عن ازدهار الوطن أو انكماشه او انهياره"، مشدّدًا على أنّ "لبنان -كما يعلم الجميع- بحاجة إلى إصلاح متكامل في الحياة السّياسيّة والوطنيّة والمؤسّساتية في الأداء".
كما اعتبر دريان أنّ "هناك فسحة أمل كبيرة في التّوصّل إلى حلول لأزماتنا، وفي مقدّمتها أزمة انتخاب رئيس للجمهوريّة، فانتخاب الرّئيس هو المدماك الأساس لوضع لبنان على الطّريق المستقيم. والإقلاع عن الاستفزاز والاستنزاف هو واجب الجميع، لتحقيق ما نصبو إليه من انتخاب رئيس جامع، يحترم الدّستور ويطبّقه باحترافيّة، وينفذ اتفاق الطائف؛ وينقذ لبنان واللّبنانيّين ممّا هم فيه من معاناة".
وأضاف: "إنّ الظّواهر الإيجابيّة من مبادرات ومشاورات وطروحات الّتي نلمسها من بعض القوى السّياسيّة، تعطينا أملًا وتفاؤلًا بأنّ الفرصة متاحة أمام اللّبنانيّين لانتخاب رئيس. وهذا يتطلّب مزيدًا من الجهد والمساعي الخيّرة. فالتّعقّل ليس ضعفًا ولا استسلامًا، بل هو حكمة ووعي لحفظ كيان البلد، ولا يعني هذا أنّنا راضون عن تأخير الانتخاب؛ فالتّأخير أصبح عبئًا على الوطن والمواطن".
إلى ذلك، اعتذر دريان عن تقبّل التّهاني بالعيد، وكلّف أمين الفتوى في الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ أمين الكردي بأداء صلاة وخطبتَي عيد الفطر السّعيد في جامع محمد الأمين في وسط بيروت، عند السّاعة السّابعة من صباح يوم العيد.