متعددة هي الأسباب والعوامل التي سمحت لفادي حنا بأن يفوز بمنصب نقيب المهندسين في بيروت في الإنتخابات التي جرت بالأمس، والتي تنافس فيها حنا كمرشح للتيار الوطني الحر مع منافسه بيار جعاره المدعوم من القوات اللبنانية والكتائب وتيار المستقبل. من هذه الأسباب ما هو متعلق بالتيار الوطني الحر كتيار، ومنها ما هو مرتبط بتحالفاته كل ذلك من دون أن ننسى الأسباب المتعلقة بتحالفات خصومه.
أولاً-على صعيد التيار تم التحضير لهذه المعركة الإنتخابية منذ أشهر وليس في الأسابيع الأخيرة كما يحصل في معظم الأحيان، وقد تم إختيار حنا باكراً بعيداً عن المنافسة الحزبية والتخبط، هذا فضلاً عن أن حنا هو أحد مناضلي الرعيل القديم في التيار وهذا ما يشد العصب الحزبي، والأهمّ من كل ذلك هو خوض المهندسين الحزبيين والمناصرين لهذه المعركة من دون أي خلافات داخلية. أخيراً خاض التيار انتخابات المهندسين بماكينة إنتخابية منظّمة وأنشأ في كل قضاء غرفة عمليّات للإتصال بالمهندسين المناصرين والمؤيّدين وحثّهم على النزول الى النقابة والإقتراع.
ثانياً-عقد التيار تحالفاً متيناً مع حزب الله وحركة أمل وجمعية المشاريع الإسلامية، خصوصاً عندما اعطى أمل ما تريده من مرشحين على العضوية وغيرها، وفي الوقت ذاته لم يكن هناك من مجال أمام ثنائي حزب الله وحركة أمل لتصفية الحسابات السياسية مع التيار، والسبب أن المرشح المنافس لفادي حنا أي جعاره هو مرشح القوات اللبنانية.
ثالثاً-الثقة المفقودة بين القوات وتيار المستقبل كانت أقوى من التحالف الإنتخابي الذي أبرمته قيادتا الفريقين، فأظهرت صناديق الإقتراع ألا حماسة لدى الناخب السني "المستقبلي" بالتصويت لمرشح مدعوم من القوات، وحتى الذين حضروا من مهندسي تيار المستقبل الى مركز النقابة وأدلوا بأصواتهم، هناك من أعطى منهم صوته للائحة فادي حنا.
رابعاً-لعبت الصداقة المتينة التي تجمع حنا بالأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري دورها في معركة المهندسين، وبفعلها نجح حنا بأن يحرم منافسه القواتي من بعض الأصوات التي كان من المفترض أن تقترع لصالح جعاره.
خامساً-نسبة التصويت الشيعي في الإنتخابات فاقت نسبة التصويت لدى المهندسين السنّة، فبينما صوت حوالي 2643 مهندس شيعي، لم يتخطَّ عدد المقترعين السنة الـ1323 وهذا ما ساعد حنا على الفوز بحكم تحالفاته.
سادساً-تحالف القوات والكتائب كان هشّاً أو بمعنى آخر لم يكن الكتائبيون متحمسين لإعطاء واحدة من أهم نقابات الكادر للقوات، خصوصاً أن الكتائب سبق أن فازت بواحدة منها، والمقصود هنا نقابة المحامين في بيروت، وهنا لا بد من التذكير بما حصل بين الفريقين في إنتخابات المحامين، وكيف فاز النقيب الكتائبي فادي المصري في الدورة الثانية على منافسه القواتي عبدو لحود، وبفارق 23 صوتاً فقط. يومها إتهمت القوات الكتائب بأنها فازت عليها بأصوات التيار والثنائي الشيعي.
سابعاً–إعتقدت القوات اللبنانية بأن مرشحها سيحصل بحكم التحالف التاريخي مع المختارة على أكثرية الأصوات المؤيدة للحزب التقدمي الإشتراكي، خصوصاً بعدما تخلّت قيادة الحزب الإشتراكي عن مرشحها المستقل جورج غانم وتركت الحرية لناخبيها، وهذا ما لم يحصل أبداً، إذ صوت عدد من مؤيدي الإشتراكي للائحة فادي حنا وغاب من غاب منهم عن المعركة معتبراً نفسه أنه غير معني بها.
ثامناً–أخيراً وليس آخراً من العوامل الأساسية التي ساعدت التيار وفادي حنا على الفوز هو الفشل الذريع لمجموعات "17 تشرين" داخل النقابة وطيلة عهدي النقيبين جاد تابت وعارف ياسين، إذ لم تتمكن هذه المجموعات من إحداث التغيير الذي جعلته شعارها الأول.
صفحة الإنتخابات طويت، والفوز الذي حققه التيار بعد سنوات تعرّض فيها لما تعرض له من حملات سياسية هشّمت صورته، يمكن أن يجرّه الى المزيد من الخسارات والإخفاقات إذا لم ينجح فادي حنا نقابياً وإذا لم يحقق للمهندسين ما لم يحققه الآخرون. والحساب في ذلك بعد ثلاث سنوات.