بعد إستراحة طويلة ناتجة عن عطلة الأعياد، عاد سفراء اللجنة الخماسية إلى التحرك على الخط الرئاسي، من دون أن يكون لديهم حتى الآن أي طرح ليتقدموا به، حيث أن المشاورات لا تزال تدور حول العموميات، التي من المعروف أنها لن تقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل، خصوصاً أن غالبية الأفرقاء اللبنانيين ينتظرون مبادرة محدّدة، بسبب عجزهم عن الوصول إلى حلّ داخلي، وهو ما سيكون مرتبطاً بالتطورات القائمة على المستوى الإقليمي بشكل أساسي.
في هذا السياق، تفيد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، بأنه في المضمون ليس هناك من جديد لدى سفراء اللجنة الخماسية، وبالتالي لا يمكن الرهان حول تسوية في وقت قريب، حيث أن الخلافات لا تزال هي نفسها التي كانت قائمة قبل عطلة الأعياد، أي الذهاب إلى حوار أو تشاور ومن يترأسه في حال حصوله، بالإضافة إلى طرح البعض الذهاب إلى الجلسات المفتوحة من أجل أن يكون الحكم لصالح اللعبة الديمقراطية.
وتلفت هذه المصادر إلى أن كل هذه الطروحات ستبقي الإستحقاق الرئاسي ضمن لعبة الجدل البيزنطي، على قاعدة أن كل فريق يستطيع أن يتمسك برأيه إلى ما لا نهاية، بالرغم من تأكيدها أنه في أوساط سفراء الخماسيّة من يستغرب الإصرار على رفض الحوار، ويعتبر أنّ من غير المنطقي الإستمرار في ذلك، خصوصاً أن غالبية الإستحقاقات الدستورية في لبنان، كانت تصل عن طريق حل مسبق، ما يدفع إلى طرح علامات إستفهام حول ما إذا كان هذا الأمر ناجم عن موقف داخلي لدى البعض أم له أبعاد خارجية، على قاعدة أن هناك من يرى أن الوقت غير مناسب لإنجاز الإستحقاق.
على الرغم من ذلك، ترى المصادر نفسها أن لدى بعض السفراء قناعة بأن الظروف المحلية، إلى جانب تلك المتعلقة بالأوضاع الإقليميّة، يجب أن تدفع بالأفرقاء اللبنانيين إلى تقديم تنازلات تقود إلى إنتخاب الرئيس المقبل، لكن من الناحية العملية لا مؤشرات على ذلك، بدليل حالة التوتر القائمة بين هؤلاء، التي توحي بأنهم ليسوا في وارد الذهاب إلى هذا الخيار، بل على العكس من ذلك هناك أدلّة على ما يمكن تسميته بالرغبة في "الكسر".
على صعيد متصل، تكشف مصادر نيابية مطلعة على المشاورات القائمة، عبر "النشرة"، أن الأمور لا تزال تدور حول الرهان على تطورات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً بعد أن برزت على المشهد الإقليمي المزيد من التعقيدات، لا سيما في ظلّ حالة التوتر التي فرضها الردّ الإيراني على الغارة الإسرائيلية التي إستهدفت القنصليّة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ثم الإنتقال إلى مرحلة إنتظار الرد الإسرائيلي على هذا الرد.
وتشير هذه المصادر إلى وجود قناعة لا يريد أحد الإعتراف بها بشكل علني، بل على العكس من ذلك يتم نفيها بشكل متكرر، تكمن بأن الحسم على المستوى اللبناني ينتظر وضوح الصورة على المستوى الإقليمي، وهو ما يتطلب الإنتهاء من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، وتوضح أن غالبية الجهات الإقليميّة والدوليّة الفاعلة على الساحة المحلية تركز على التطورات في المنطقة أكثر من تركيزها على الملف الداخلي، على قاعدة أن الأخير هو جزء من كل ولا يمكن التعامل معه بشكل منفصل.
في المحصلة، تعيد المصادر نفسها التشديد على أن الأمور مرتبطة بالحراك الأميركي بالدرجة الأولى، حيث تسعى واشنطن، في المرحلة الحالية، إلى تفادي خروج الأوضاع عن السيطرة نتيجة التوتر الراهن، وهي لديها الرغبة في التحرك، بشكل أكبر، على الساحة اللبنانية، في المرحلة المقبلة، إقتناعاً منها بأن الوصول إلى نتائج عملية لا يمكن أن يتم قبل الإنتهاء من الواقع العسكري الصعب، وتضيف: "قبل الظهور الأميركي الواضح في المشهد، الذي ينتظر إتفاقا لوقف إطلاق النار أو هدنة في غزة، لا يمكن الحديث عن أي تحول نوعي أو مبادرة جدية".