يوم أمس، قرر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بناء على تمني رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الدعوة إلى جلسة نيابية عامة لمناقشة الموقف من الهبة الأوروبية، يوم الأربعاء المقبل. حيث كان ميقاتي قد طلب ذلك، من أجل "وقف الاستغلال السياسي الرخيص الحاصل في البلد في هذا الملف على حساب المصلحة العامة".
في هذا السياق، بدأت سريعاً تُطرح الأسئلة حول ما سينتج عن هذه الجلسة، خصوصاً أنها ستكون مسرحاً لمواجهة سيطغى عليها الطابع الشعبوي، نظراً إلى أن الكتل النيابية المختلفة ستتنافس في تصعيد في موقفها من هذه الأزمة، سواء كانت من تلك التي أيدت بقاء النازحين على مدى سنوات طويلة، أو من تلك التي كانت تطالب بأخذ الإجراءات اللازمة منذ اليوم الأول.
في هذا الإطار، ترى مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، أن الجلسة لن تكون عادية على الإطلاق، لا سيما إذا ما كانت منقولة على الهواء مباشرة، نظراً إلى أن النواب حينها سيتنافسون في التصعيد، خصوصاً أن بعض القوى السياسية كانت قد ذهبت بعيداً في مواقفها، رغم إداركها أن الحل لا يمكن أن يتم بالطريقة التي تتحدث فيها، نظراً إلى أن الأزمة معقدة جداً، وهي لا ترتبط بالموقف اللبناني فقط ولا حتى بالموقف السوري.
بالنسبة إلى هذه المصادر، نجح رئيس حكومة تصريف الأعمال في نقل كرة المسؤولية إلى ملعب المجلس النيابي، حيث سيكون على الأخير أخذ الموقف بالنسبة إلى كيفية التعامل مع الهبة الأوروبية، سواء كان ذلك على شكل توصية أو قرار، لا سيما أن هذا الأمر قد يكون له تداعيات على العلاقة مع الإتحاد الأوروبي، المنقسم بدوره حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة، حيث أن البعض يؤيد التواصل مع الجانب السوري، في حين هناك فريق يضم القوى الأساسية يرفض الأمر بشكل مطلق.
من وجهة نظر المصادر نفسها، ما كان يجب الموافقة على الهبة الأوروبية أو إعطاء أي موقف منها قبل عرض كل تفاصيلها، الأمر الذي كان من المفترض أن يتم في مجلس الوزراء، حيث تشير إلى أن المستغرب اليوم هو أن الكثير من الجهات المعنية لا تعرف الكثير عن هذه الهبة، بالرغم من حساسية هذا الملف، خصوصاً في ظل الواقع الإجتماعي الضاغط، وتضيف: "من قال أن علينا التجاوب مع المصالح الأوروبية، في حال لم تأخذ دول الإتحاد المصالح اللبنانية بعين الإعتبار"؟.
على صعيد متصل، تشير مصادر نيابية أخرى، عبر "النشرة"، إلى أن الحل لا يمكن أن يكون من خلال جلسة مناقشة نيابية، على عكس ما يحول البعض التسويق، نظراً إلى أن الأمر يتطلب الذهاب إلى خطوات عملية واضحة، خصوصاً مع وجود العديد من الخطط الحكومية التي أقرت في السنوات الماضية، من دون الذهاب إلى تطبيق أي منها، مع العلم أن تطبيق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء كفيل بالحل.
إنطلاقاً من ذلك، تطرح هذه المصادر الكثير من علامات الإستفهام حول حصر المشكلة بالهبة الأوروبية، في حين أن البحث من المفترض أن يكون هو الإجراءات الواجب إتخاذها لمعالجة الملف الأساسي، وتشير إلى أن من الطبيعي أن يبحث الإتحاد الأوروبي عن مصالح دوله، ولذلك كانت المسارعة إلى زيارة لبنان بعد الشكوى التي تقدمت بها السلطات القبرصية، لكنها ترى أن ما هو غير طبيعي عحز لبنان عن أخذ القرارات المناسبة، بالرغم من التداعيات التي تتركها هذه الأزمة على مختلف المستويات.
في المحصّلة، سينتظر اللبنانيون، يوم الأربعاء المقبل، جلسة مزايدات شعبوية عالية السقف حول ملف النزوح السوري، من دون أن تقدم غالبية الكتل، على الأرجح، أي مقترح عملي لكيفية معالجة الأزمة أو الحد من تداعياتها، لا سيما أنها كانت على مدى السنوات الماضية تتجاهل هذا الأمر، بسبب الرهانات والإستفادات الماليّة التي كانت تحصل عليها.