يخشى لبنان أن يكون مؤتمر بروكسيل المخصص لملف النازحين السوريين، والمنوي عقده نهاية شهر أيار الحالي، اجتماعاً مخصصاً لتمكين السوريين من البقاء في أماكن نزوحهم، دون الالتفات الى مسألة عودتهم الى ديارهم وهي المسألة المهمة بالنسبة للدول التي تستضيف هؤلاء النازحين على أراضيها، وعلى رأسها لبنان.
بعد الاعتراض السوري الرسمي الذي وجهه وزير الخارجية السورية فيصل المقداد الى نظيره اللبناني عبد الله بو حبيب بخصوص مشاركة لبنان بمؤتمر بروكسيل وخشية السوريين من تحويل اللقاء الذي لم تُدع إليه الحكومة السورية الى منصة للهجوم السياسي على سوريا، رد بو حبيب على نظيره السوري بالتشديد على أن لبنان تلقى دعوة رسمية للمشاركة وهو لا يستطيع التغيب عن أي مؤتمر يعالج ملف النازحين، وبحسب مصادر سياسية متابعة فإن العتب السوري لا يفترض أن يوجه الى لبنان الذي يعاني بسبب ملف النازحين، إنما الى المنظمين المعنيين بشكل مباشر بتوجيه الدعوات.
تأمل الحكومة اللبنانية أن يكون مؤتمر بروكسيل مناسبة للتشاور مع المعنيين بغية التوصل الى أمرين، الحصول على الدعم لمواجهة أزمة النازحين، والحصول على إقرار أوروبي بحق لبنان بترحيل النازحين السوريين الذين يدخلون البلاد خلسة، وبحسب المصادر فإن هذا الإقرار سيكون صعب التحقق لأن الأهداف الأوروبية لا تتضمن عودة النازحين أنما تثبيتهم وإقفال الحدود بوجههم لمنعهم من التوجه الى القارة العجوز.
رغم عدم التعويل على المؤتمر، سيشارك لبنان فيه عبر وزير خارجيته، وتأمل الحكومة أن يكون الموقف اللبناني موحداً وقوياً انطلاقاً من الجلسة النيابية المنوي عقدها غدا الأربعاء لمناقشة ملف النزوح والهبة الأوروبية، مع الإشارة الى أن هذه الجلسة هي الأولى من نوعها منذ العام 2011 تاريخ بدء النزوح السوري، ويُفترض بحسب المصادر أن تشدد الجلسة على ثلاثة أمور أساسية، الأول اعتبار الهبة الاوروبية جزء بسيط من حق لبنان الذي أرهقه النزوح ويكلفه مليارات الدولارات، الثاني رفض أي مشروع لتوطين أو تثبيت النازحين في لبنان لما لذلك من خطر جسيم وحقيقي على فكرة لبنان كوطن للبنانيين، والثالث حق لبنان بمنع هروب النازحين إليه وحقه بإيجاد الحلول القانونية لكل من يعتبر وجوده غير شرعي في البلد.
إلى جانب الموقف الأوروبي الملتبس حيال النازحين، يجب بحسب المصادر التركيز أيضاً على الموقف السوري المعني أيضاً بهذا الملف، حيث تُشير المصادر الى أن دمشق تعلن أنها لا تمانع عودتهم، لكن في المقابل هناك معطيات لا يمكن تجاهلها، تكمن بأن هذا الأمر مرتبط بالظروف الإقتصادية في الداخل السوري، نظراً إلى أن الموقف الأميركي حال دون تحقيق الإنفتاح العربي على سوريا والنتائج التي كانت متوخاة منه، بسبب العقوبات المالية والاقتصادية التي تمنع وصول الأموال الى الحكومة السورية، وبالتالي لن يُفتح الباب أمام إنطلاقة جديدة كان من الممكن الرهان عليها كثيراً.
بناء على ذلك، هناك من يعتبر أن التعاون مع دمشق قد يساعد في عودة الكثير من النازحين، لكن في المقابل لن تكون سوريا قادرة على إستقبال أعداد كبيرة، لا سيما بالنسبة إلى الذين هم بحاجة إلى إعادة أعمار منازلهم، انما الأساس يبقى أن الظروف الحالية لم تعالج الأزمة التي قادت إلى النزوح الإقتصادي.
وبالتالي، لا يمكن تجاهل أمرين أساسيين: الأول هو الموقف الدولي من التعاون مع الحكومة السورية، الذي يفرمل أي إندفاعة لبنانية بهذا الإتجاه، أما الثاني، الذي هو أيضاً مرتبط بالأول، يتعلق بالأوضاع الاقتصادية في سوريا، التي لا تشجع على هذه العودة، الى جانب قناعة لدى بعض خصوم دمشق بأن الحكومة السورية لا تريد عودة النازحين مجاناً.