من يقصد مناطق معينة في بيروت، منذ صباح أمس الأربعاء، يجد حركة السير خفيفة، ويلاحظ إغلاق عدد كبير من المحال التجارية أبوابها، والسبب واضح وضوح الشمس، وهو الحملات الأمنيّة التي تنفذها وزارة الداخلية والبلديات لمكافحة المخالفات على الطرقات، وأجهزة الأمن الأخرى كأمن الدولة والأمن العام لمكافحة العمالة السورية غير الشرعية.
منتصف الأسبوع الماضي باشرت المديرية العامة للأمن العام حملتها لمكافحة المصالح غير الشرعية التي يُديرها سوريون، وبحسب مصادر المديرية فإنّها أسفرت عن إغلاق العشرات من المصالح في كل المناطق اللبنانية، وهي مستمرة بعد قرارها ضبط وتنظيم ملفّ السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية.
وتُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن المديريّة تعمل وفق القوانين ودورياتها لا تفرق بين منطقة وأخرى ولا بين سوري وآخر، سوى بالقانون، فكل مخالف للقوانين عليه أن يتحمل المسؤولية خاصة أن المصالح غير الشرعية باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على كل صاحب مصلحة لبناني يعمل وفق القانون، مشدّدة على أن هذه المصالح تتسبب بأضرار فادحة للبنانيين فهي غير مسجلة وبالتالي لا تخضع للقوانين الماليّة، ولا تؤدّي الواجبات الضريبيّة، ولا تحترم مبدأ المنافسة، ناهيك عن عدم التزام أصحابها بقانون العمل اللبناني الذي يسمح للنازح السوري العمل في مصالح محددة.
على سبيل المثال تقول المصادر أنّ إحدى المحال التي تبيع الدجاج في طرابلس يُديرها سوري، تعمل بجانب محل لبناني يبيع الدجاج أيضاً، ولكن أسعار البيع عند السوري منخفضة عما هي عند اللبناني لأسباب تتعلق بالكلفة، فالسوري يستأجر المكان للعمل والمنامة أيضاً، ولا يدفع أي ضريبة لا للدولة ولا للبلدية، وكل هذه الأمور تضرب مبدأ المنافسة، ما أدى بنهاية المطاف إلى إقفال اللبناني لمحله التجاري.
بسبب حملة الأمن العام علمت "النشرة" ان عدداً كبيراً من المحال التجارية، تحديداً في أسواق بيروت وضواحيها، يُديرها سوريون، أغلقت أبوابها تزامناً مع بدء الحملة، ومنذ 5 أيام تقريباً لم تفتح أبوابها، ولكن بالنسبة الى مصادر الأمن العام فإنّ الحل أمام هؤلاء ليس الإغلاق لبضعة أيام إنما الالتزام بالقوانين.
هذا المثال ينسحب على كل المناطق اللبنانية، لذلك كان من المفترض أن تحصل هذه العملية ولو أتت متأخرة، وهو ما يمكن قوله أيضاً عن الحملة الأمنية التي تقوم بها مديرية قوى الأمن الداخلي بعد قرار وزير الداخلية.
حواجز في الشوارع لضبط المخالفات بالسيارات والدراجات النارية، وتواجد كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي لتطبيق هذه الحملة التي تستمر لأيام قد تصل الى 10، وقد بدأ العمل بها الاربعاء، وتُشير مصادر قوى الامن الداخلي الى أن الحملة ليست موجهة ضد السوريين غير الشرعيين حصراً، بل تطال اللبنانيين أيضاً المخالفين للقوانين، سواء بسياراتهم غير المسجلة أو التي عليها لوحات مزوّرة، أو لا يملكون رخصة قيادة، أو يستعملون العازل على الزجاج دون ترخيص، وبدراجاتهم النارية أيضاً.
كذلك تطال الحملة بحسب المصادر السوريين الذين لا يحقّ لهم القيادة في لبنان، غير الشرعيين، أو الذين يعملون على السيارات العمومية وينافسون اللبنانيين في هذا المجال، وقد علمت "النشرة" أن "الوساطات" لن تنفع هذه المرة ولكن ليس بالمطلق، لأننا في لبنان، وقد أبلغت الأحزاب مناصريها بأنّها غير مسؤولة عن "تخليص" أمور أحد بحال كان مخالفاً، ولكن هذا يسري على الفئة الكبرى لا الصغرى التي تتمتع بالحمايات في كل الظروف.
أسئلة كثيرة تُطرح حول هذه الحملات الأمنيّة أيضاً، فهل ستطبق على كل لبنان، وهل يكفي فعلاً القيام بحملة أمنيّة لعدة أيام فقط ثم تعود الأمور الى ما كانت عليه سابقاً، أليس الأمن استمرارية على مدار العام، والاهم، كيف نُحاسب المواطن على عدم قيامه بما يلزم من إجراءات قانونيّة بظل الشلل الحاصل في مؤسسات الدولة؟.