لم تستفق إيران بعد من خبر مقتل الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي ورأس الدبلوماسية الايرانية وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، بحادث تحطّم مروحية في منطقة جبلية في أذربيجان الشرقيّة شمال غرب البلاد، وحتماً مقتل رئيسي، أبرز المرشحين لخلافة المرشد الأعلى للجمهورية السيد علي خامنئي، سيترك أثراً ولو قال كثر إن في إيران مؤسسات تسيّر الأمور.
وأمام هذا الحادث، تبقى التساؤلات مفتوحة حول السياسة الخارجية الايرانية بعد رحيل رئيسي وعبد اللهيان، وعن المفاوضات الأميركية الإيرانية وملفات المنطقة والحرب في غزّة؟.
"في ايران دولة تحكمها المؤسسات وغياب رئيس الدولة لن يترك أثراً سلبياً على سير الأمور، خصوصاً وأن السياسة الإيرانية الخارجية لا ترتبط بشخص الرئيس بل يحدّدها المرشد الأعلى". هذا ما تشير اليه استاذة العلوم السياسية والباحثة ليلى نقولا. ويؤكّده أيضاً الكاتب والمحلل السياسي حسن زادة، لافتاً إلى أنه "بعد وفاة رئيسي سيتم تشكيل مجلس رئاسي وإجراء إنتخابات في غضون خمسين يوماً، أما فيما يتعلق بالملفّات الخارجية التي يتم التفاوض عليها، فهي تأتي من خلال توجيهات المرشد".
المعروف أن هناك تياران يتنافسان على الحكم في ايران: التيار الاصلاحي وتيار المتشدّدين، واليوم التيار المتشدّد أحكم قبضته على كلّ مفاصل الجمهورية الاسلامية. وهنا تلفت نقولا إلى أن "من سيأتي سيكون من نفس الاتجاه أو التيار المتشدّد، أما التيار الاصلاحي فلم يعد موجوداً في الحكم، بعد أن أقصته لجنة صياغة الدستور عن الترشّح للرئاسة، وبالتالي فإن التيار المتشدد سيعيد إنتخاب رئيس جديد منه".
قطعت المفاوضات الاميركية الايرانية شوطاً كبيراً والحديث كان حول مختلف ملفات المنطقة، بالإضافة إلى الملفّ النووي، وآخرها جرت بشكل مباشر في سلطنة عمان بين الأميركيين والايرانيين وكان سبق للسلطنة أن تولت هذا الاتصال بين ايران وأميركا وقامت بهذا الدور. ويشير زادة إلى أن "المفاوضات وصلت إلى مرحلة حسّاسة تتعلق بإزالة العقوبات عن ايران، مقابل تعاونها بملفّات المنطقة ومكافحة الفساد وغيرها"، بينما تلفت نقولا إلى أن "التقدّم بالمفاوضات هو بالمواضيع الاقليميّة، أما الملفّ النووي فمحسوم عدم العودة اليه، فالرئيس الاميركي جو بايدن لن يتحمّل عبء إعطاء مكاسب لايران والعودة إلى هذا الاتفاق، خصوصا وأن الكونغرس الاميركي بحزبيه ينظر بنفس الطريقة إلى هذا الملف".
وتعود نقولا لتشير إلى أنّ "في الملفّات الاقليمية غضّ للنظر الأميركي عن بيع النفط والغاز بعد حرب أوكرانيا، وذلك لعدم رفع الأسعار عالمياً، كذلك سمحت الولايات المتحدة لحلفائها وبعض الدول بالافراج عن الأموال الإيرانية، وذلك لتسهيل تسديد ثمن النفط، إضافة إلى هذا كلّه فإن التفاهمات الأميركية الايرانية أدت إلى منع التصعيد في المنطقة، بعد وقوع حرب غزّة، في مناسبتين: الأولى عند قصف القنصلية الايرانيّة بدمشق، أما الثانية فكانت في بداية الحرب، عندما حضرت البوارج الاميركيّة إلى منطقة المتوسط.
من جانبه، يرى زادة أن "هناك انفراجاً على صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة، ولكن قد تتغيّر الأمور في حال فوز دونالد ترامب بالرئاسة، خصوصاً وأنه سبق أن أعطى الاذن لاغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ووضع 1700 عقوبة على المؤسسات والشخصيات الإيرانيّة، ولهذا تسعى إيران للوصول إلى اتفاق في الفترة المقبلة قبل نهاية ولاية بايدن".
في المحصّلة، ينتظر العالم بأسره كيف ستكون الأمور في المرحلة المقبلة، فهل ستتأثر السياسة الخارجيّة بعد رحيل رئيسي، خصوصاً وأن المفاوضات الأميركية الإيرانية جنّبت المنطقة التصعيد بعد حرب غزّة؟!.