منذ إنهيار المفاوضات المتعلقة بالوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في ​قطاع غزة​، بعد أن كانت حركة "حماس" قد وافقت على المقترح الذي قدم لها من قبل الوسطاء مقابل رفض إسرائيل له، تطرح الكثير من الأسئلة حول الواقع على الجبهة الجنوبيّة، خصوصاً أن هذه الجبهة تشهد، منذ ذلك الوقت، تصعيداً مستمراً على مستوى العمليات العسكرية بين ​الجيش الإسرائيلي​ و"​حزب الله​"، دفع بالعديد من الجهات للحديث عن إمكانية خروج الأمور عن السيطرة.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن واقع العمليات الحالي ينفي إمكانيّة الذهاب إلى المواجهة المفتوحة، بالرغم من التهديدات الإسرائيلية التي تصب في هذا الإتجاه، حيث ترى أنها لا تزال تصب، من جانب تل أبيب، في إطار السعي إلى دفع "حزب الله" إلى وقف عملياته العسكرية، من خلال رفع الكلفة التي يتكبدها، إلى جانب العمل على خلق معادلات جديدة على المستوى الميداني.

وفي حين تلفت هذه المصادر إلى أن الحزب لن يتراجع عن معادلة جبهة المساندة، أي إستمرار العمليات العسكرية إلى حين وقف العدوان على غزّة، ترى أن الحزب، من حيث المبدأ، نجح في تحقيق أمرين أساسيين: الأول هو منع الإسرائيلي من تكريس أي مبدأ جديد، من خلال إستمراره في المعادلة التي كان قد أعلن عنها منذ الأيام الأولى، أي الرد على التصعيد بالتصعيد، أما الثاني فهو إستمرار الضغط على تل أبيب، الذي يأتي من باب المساندة لغزة، رغم كل الضغوط الخارجية التي كان قد تعرض لها.

إنطلاقاً من ذلك، لا يبدو أنّ الجانبين في وارد الذهاب إلى خطوات غير محسوبة النتائج، حيث بات من الواضح أنهما يتفاديان الوقوع في خطأ قد يخرج الأمور عن السيطرة، بالرغم من أن هذا المسار يبقى قائماً، في حال ذهاب إسرائيل إلى عمل لا يمكن تحمل تبعاته من جانب الحزب، لا سيما في ظل تقدّم الحديث عن الإنتهاء من العمليات العسكريّة في غزة في مهلة شهرين.

على هذا الصعيد، تذهب المصادر المتابعة إلى الحديث عن سيناريوهين في هذا المجال، الأول يقوم على أساس العودة إلى المفاوضات الهادفة إلى وقف إطلاق النار في غزة، حيث تشير إلى أنّ هذا الأمر وارد في حال تراجع تل أبيب أو "حماس" عن شروطهما الحالية، لافتة إلى أنه ضمن هذا السياق جاء التصعيد الإسرائيلي بإتجاه رفح، بعد جولة المفاوضات الماضية، حيث كان من الواضح أنها تريد أن تحدث تبدلاً في المعطيات يصب في صالحها.

بالنسبة إلى السيناريو الثاني، تتحدّث المصادر إلى أنه يقوم على أساس نجاح تل أبيب في تكريس واقع جديد في القطاع، يقود إلى عدم إستمرارها في الأعمال العسكرية بالوتيرة نفسها، بعد أن يؤمن لها مقتضيات الإعلان عن تحقيق "إنتصار"، وتضيف: "الرهان هو أن يكون ذلك في مهلة قصيرة، لا سيما أن ​الولايات المتحدة​ لا تمانع لكنها تضع شروطاً، أما في حال عجزها، فإن واشنطن تريد منها وقف الحرب، تحت طائلة زيادة الضغوط على حكومة ​بنيامين نتانياهو​".

في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى مجموعة من المعطيات التي تصب في هذا الإطار، أبرزها بدء الحديث الفعلي عن مقتضيات اليوم التالي، سواء من جانب الولايات المتحدة أو من قبل ​الدول العربية​، التي قدمت طروحات في قمة البحرين، أو حتى في الداخل الإسرائيلي، حيث تشتعل الخلافات التي يمكن الجزم بأن واشنطن ليست بعيدة عنها، لكنها تشدد على أن ذلك لا يحول دون إمكانية حصول مفاجآت، قد تفرض وقائع جديدة.