لفت الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد ​حسن نصرالله​، إلى "أنّنا نعتقد أنّ الكيان الصّهيوني ليس له أيّ مستقبل في منطقتنا، لأنّه بطبيعته منشأ للحروب والتّقاتل والفتن"، مؤكّدًا أنّ "من مسؤوليّتنا جميعًا بذل كلّ جهد والعمل باستمرار، بمعزل عن أيّ توقّعات حول المستقبل، لاستئصال هذه الغدّة السرطانيّة من منطقتنا، من دون انتظار أيّ زمان".

وتوجّه، في كلمته خلال احتفال تأبيني تكريميًا للعلامة الشّيخ علي كوراني، في مجمع الإمام المجتبى في الضاحية الجنوبيّة لبيروت، بالتّعزية والتّبريك إلى "اخواننا في اليمن، الجيش و"أنصار الله" والشّعب، الّذين تعرّضوا أمس لعدوان أميركي بريطاني غاشم، وارتقى عدد كبير من الشّهداء والجرحى"، مبيّنًا أنّ "الموقف اليمني واضح منذ البداية، وأيّ عدوان أميركي لن يؤثّر في الدّعم اليمني ل​فلسطين​ والإسناد اليمني ل​غزة​".

وركّز السيّد نصرالله على أنّ "المعركة في قطاع غزة ما زالت قائمة، والعالم بسبب الفيتو الأميركي والموقف والحماية الأميركيَّين، يقف عاجزًا، وهناك من لا يزال يراهن على المجتمع الدولي في الرّدع والحماية"، متسائلًا: "هل هذا المجتمع الدّولي موجود حتّى يَمنع ويحمي؟ الأحداث تقول إنّه غير موجود".

وأشار، إلى أنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ ومجانينه يستمرّون في حرب الإبادة في غزة وفلسطين، أمام صمت الدّول والحكّام، لكن بحمد الله هذه الجرائم والدّماء المظلومة توقظ العالم. وكما قال قائد الثّورة الإيرانيّة الإمام علي الخامنئي أمس، في رسالته إلى طلّاب الجامعات الأميركيّة المنتفضين، إنّ من أهمّ نتائج الحرب هي هذه اليقظة العالميّة لدى الكثير من شعوب العالم، وإنّه لأوّل مرّة نشعر أنّ جبهة المقاومة تتّسع إلى هذا الحدّ".

كما اعتبر أنّ "استمرار نتانياهو في إصراره على حربه، من الواضح أنّه يأخذ الأمور إلى الأسوأ على الكيان"، مذكّرًا بأنّ "رئيس البنك المركزي الصهيوني تحدّث عن كارثة، كما أنّ قادة الجيش ومسؤولين كبارًا في الشّأن العسكري في الكيان تحدّثوا عن الأزمات والكوارث".

وأفاد نصرالله بأنّ "عضو مجلس الحرب الصّهيوني غادي آيزنكوت يقول إنّ فرقةً كاملةً (الفرقة تتألّف من عدّة ألوية) للجيش الصّهيوني تخوض معارك ضدّ كتيبة كنّا أعلنّا عن تفكيكها في جباليا، وأنّ القتال صعب"، لافتًا إلى أنّ "بالتّزامن مع معركة رفح، هم يضطروّن للدّخول إلى جباليا بفرقة كاملة من الجيش الإسرائيلي".

وأكّد أنّ "هذه المعركة كما ينظر إليها نتانياهو والمتطرّفون معه على أنّها معركة وجود، يجب أن ننظر إليها أيضًا أنّها معركة وجود ومصير، خصوصًا للشّعب الفلسطيني وشعوب المنطقة"، موضحًا "أنّنا لو كنّا في أميركا أو في أستراليا أو في مناطق أخرى، قد يُكتفى بالدّعم المالي والإنساني، لكن هنا الأمر مختلف في منطقتنا ولا يكفي التّضامن الأخلاقي والإنساني".

وشدّد على أنّ "انتصار إسرائيل في المعركة سيترك آثارًا كبيرةً وخطيرةً جدًّا على كلّ شعوب وبلدان المنطقة، أمّا هزيمتها فسنكون لها الكثير من الآثار العظيمة في مختلف المجالات على كلّ المنطقة". ورأى أنّ "هذه المعركة تعني مستقبل ​لبنان​ وسيادته ومياهه وثرواته في البحر الأبيض المتوسّط، الّتي يُمنع حتّى الآن على اللّبنانيّين الاستفادة منها"، مشيرًا إلى أنّ "كلّ معاناة الكهرباء في لبنان الأميركي شريك في صنعها، وهو عطّل في موضوع حقول النّفط في المياه اللّبنانيّة".

وأضاف نصرالله: "هذه معركة مصير لنا جميعًا ويجب أن نكون فيها جميعًا، ونحن موجودون فيها إن شاء الله في جنوب لبنان"، مفسّرًا أنّ "هذه الجبهة هي جبهة إسناد وجزء من المعركة الّتي تصنع مصير فلسطين ومصير لبنان والمنطقة على المستوى الكبير، بعيدًا عن الزّواريب السيّاسيّة الضيّقة الّتي يغرق فيها بعض اللّبنانيّين".

وركّز على أنّ "جبهة جنوب لبنان تواصل عملها، وهي بالفعل جبهة ضاغطة وقويّة ومؤثّرة على العدو الصّهيوني، وقادة الكيان أتوا إلى الشّمال ليفاخروا بإبعاد المقاومة إلى كيلومترات بعيدة، فجاء الرّدّ بعمليّة على قرب أمتار قليلة من الموقع (موقع راميا)، ولو أرادوا الدّخول إلى الموقع لدخلوا".

إلى ذلك، أكّد "أنّنا مصرّون وصامدون ونستمرّ بالعمل، ومعنى هذه البيئة الوفيّة والصّابرة الّتي تحمّل عبء وجود هذا الكيان منذ عام 1948"، موضحًا أنّه "لا يوجد ترسيم للحدود البرّيّة في لبنان، فهي مُرَسَّمة وهناك تطبيق للحدود المرسَّمة، وهناك أماكن يحتلّها العدو يجب أن يخرج منها".

ولفت الأمين العام لـ"حزب الله" إلى "أنّنا نعتبر أنّنا أكبر قاعدة شعبيّة في لبنان وأكبر حزب في لبنان، ولم نتحدّث بهذا المنطق، وترى في المقابل من يقول على مدى أسابيع إنّ أغلبيّة الشعب اللبناني لا يريد هذه المعركة ويرفضها، وهذا غير صحيح".

وتساءل: "هل الشّهداء الّذين استشهدوا إلى الآن ليسوا من الشّعب اللّبناني؟ عائلاتهم ليست من الشّعب؟ آلاف المقاتلين على الجبهة ليسوا لبنانيّين؟". واعتبر أنّ هذه مغالطة كبيرة. كأن الشعب اللّبناني فئة خاصّة في لبنان، مع العلم أنّ من يتضامن مع فلسيطين ويؤيّد جبهة لبنان في إسناد فلسطين هم من كلّ الطّوائف، وليسوا فقط من الشّيعة".

وفي موضوع الانتخابات الرئاسية، ذكر أنّ "هناك أشخاصًا لديهم التباس، ويقولون إنّ سبب عرقلة الانتخابات الرّئاسيّة هو لأنّ الثّنائي الوطني أو "حزب الله" يربط ملف الرّئاسة بملف غزة، مع العلم أنّنا منذ اليوم الأوّل قلنا إنّ لا ربط بين الملفّين".

وتابع نصرالله: "منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة في تشرين الأوّل 2022 وحتّى 7 تشرين الأوّل 2023 موعد بدء عمليّة "طوفان الأقصى"، أي نحو عام لم يكن هناك شيء في غزة، ولا شيء على الحدود، فلماذا لم تحصل انتخابات الرّئاسة؟".

وأعلن أنّ "ما عطّل الانتخابات الرّئاسيّة مدّة سنة قبل "طوفان الأقصى"، هي الخلافات الدّاخليّة والفيتوات الخارجيّة والتدخّلات، فبعض الخارج يقدّم نفسه على أنّه مساعِد، لكنّه في الحقيقة معطّل"، مشيرًا إلى أنّ "في العلن، كلّ الدّول تقول إنّ لا مرشح لديها وإنّها لا تضع فيتو على مرشّح، لكن هذا غير صحيح. ولو كان هذا صحيحًا، لكان هناك رئيس".

وشدّد على أنّ "لا علاقة للمعركة في الجنوب وغزة بانتخابات الرّئاسة في لبنان، ولا نقيم ربطًا بين الملفَّين"، مؤكّدًا أنّ "نتائج معركة الجنوب أعلى وأكبر من المكاسب الدّاخليّة والسّياسيّة، كما كان التّحرير في عام 2000 والانتصار في عام 2006".

وبيّن نصرالله أنّ "الوقوف أمام بعض الأمور الّتي تساعد جوهريًا، الوقوف أمامها شكليًّا، هو الّذي يعطّل استحقاق الانتخابات الرئاسية"، مركّزًا على "أنّنا حريصون على أن تصل الإستحقاقات الدّاخليّة إلى نتائجها الجيّدة، وهل يوجد سبيل لذلك غير الحوار والتّشاور؟". وختم: "ننتمي إلى جبهة المقاومة الّتي أصبحت الآن أقوى وأفضل وأوسع من أيّ وقت مضى، وهذه الجبهة أفقها أفق مشرق ونحن أمام مستقبل واضح".