عقد وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال ​محمد وسام المرتضى​، ورئيس المعهد الفني الأنطوني الأب ​شربل بو عبود​، مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا في مقرّ المكتبة الوطنية في بيروت، للإعلان عن إطلاق ورش العمل لموضوع "الفن والتكنولوجيا في مواجهة التحديات والذكاء الاصطناعي" في المعهد الفني الأنطوني في الدكوانة اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل، برعاية الرئيس العام للرهبنة الأنطونية الأب جوزف بو رعد.

في هذا الإطار، أشار المرتضى إلى أنّ "من الطبيعي ان يجرى هذا المؤتمر الصحفي في رحاب المكتبة الوطنية، لأن وزارة الثقافة ووزيرها معنيان بأن يكونا في خدمة كل عمل تقوم به الرهبنة الأنطونية ومؤسساتها، لا سيما النشاطات ذات البعد التوعوي".

وأكّد "أنّنا مع هذه الرهبنة وفي خدمتها، لتفانيها في تعزيز الانفتاح ولتمسّكها بمبدأ العيش الواحد وبموروثنا الثقافي اللبناني البهي، ويشرّفني على الدوام ان اكون معنياً بكل ما هي بصدده، مثلما يشرّفني ذلك اللقب الذي اطلقه عليّ بعض الآباء فيها بأنني الوزير الأنطوني".

وركّز المرتضى على أنّ "من الأهمية بمكان ان نقدم مثل هذه الفعاليات الثقافية، في ظل الاوضاع والظروف التي يعيشها لبنان والمنطقة، لان المعركة الثقافية لا تقل أهمية عن الصمود العسكري في الجنوب. وهذا ما نقوم به في وزارة الثقافة، وهذا ما يقوم به المعهد الفني الانطوني، وهذا ما يجب القيام به على الدوام في مواجهة الكيان الغاصب المتوحش، الذي اضحى يشكل خطرا ليس على لبنان وفلسطين فحسب، بل على القيم الأخلاقية والإنسانية الجامعة للبشر".

وشدّد على أنّ "مشكلة هذا العدو "الغول" معنا نحن اللبنانيين، اننا بعيشنا الواحد وبتنوعنا الايماني والفكري والثقافي نمثّل النقيض له، الذي يسقطه اخلاقياً ويفضح شذوذه، ولهذا فإنه يستهدفنا لقناعة لديه بأن لا رسوخ له قبل القضاء على نموذجنا وصيغتنا. ولهذا يعمل هو ومن وراءه عبر ادواته وابواقه، على تيئيس المكوّن المسيحي من فكرة العيش الواحد، فيحضّهم اما على الهجرة او على الانعزال والتقسيم تحت عناوين ملطّفة، لكنه لن يفلح ولبنان سينتصر عليه في الميادين كافة: في الميدان العسكري وفي ميدان الصمود الثقافي وحفظ العيش الواحد"، جازمًا أنّ "وطننا باقٍ بفرادته ورسالته الى الدنيا أجمع، اما هذا الكيان الشاذ عن طبيعة هذه المنطقة فحتماً الى زوال".

كما لفت إلى "أهمية هذا المؤتمر، ودور المعهد الفني الانطوني برعاية الاب شربل بو عبود في مواكبة التطور المتعلق بما يخص المعهد"، مبيّنًا أنّها "ليست المرة الأولى التي يجترح فيها المعهد الفني الأنطوني إبهارَنا شكلًا ومضمونًا. في الشكل لأن المعهد يصمم الجمال المقدّس في أيقونة، تسبُكُ وتشبُكُ في آن، تسبُكُ الروحَ وتشبُكُ الأيدي التي تخرّجُها تحفًا في متاحف التأمل".

وأضاف المرتضى: "وليست المرة الأولى التي يدعونا فيها الأب بو عبّود الذي أسَّسَ وما يزال صرحًا ملتزمًا بالجمال المؤنسن، لأنه لا قيمة للفن إذا كان من أجل ذاته فلا يتسامى البهاء إلا للوجه الأبهى أي لوجه الله".

وعبّر عن سروره بأن "أشارك في افتتاح أسبوعٍ من المحاضرات وورش العمل تربط بين الفن الكلاسيكي والذكاء الاصطناعي والثقافة اللبنانية، مع التركيز على الصحة النفسية وريادة الأعمال في الفن، خماسيةٌ مترابطة يستولدها معهدكم الرائد، فالفن يبقى أصيلًا إذا نهلَ من التقنيات الحديثة محافظًا على الجذور، ويبقى ملتزمًا إذا غَرَفَ من موروثنا الثقافي، وشافيًا إذا كان الانكباب عليه علاجًا من القلق الوجودي، وأخيرًا فرصة لكل موهبة لتتصدّر حياة الابداع؛ وهي كلّها سلسلة مترابطة تعبق من هذا المكان المكرّس لخدمة الإنسان الذي هو أولًا وأخيرًا هيكل للروح القدس وعاكس لعظمة الله".

ووجد أن "هذا المعهد كنيسة علمانية متكاملة يصلّي فيها الضعف الإنساني، فيتعملقُ بالتسامي والإبداع ويتنامى قدراتٍ تتحدى العوائق، ويرسمُ علائق جديدة بين الحياة تهبُه المعنى فلا يفرَغ ولا ينضَب. انه المعهد الذي يجعل من الصليب قيامة، ومن القامة استقامة ومن الفراغ سعةً كبرى".

بدوره، أشار بو عبود إلى أنّه "ربما تتساءلون لماذا هذا المؤتمر، بينما الكرامات تُداس والعائلات تتشرد وحال الحرب في الجنوب وغزة والمنطقة، ولبنان مقطع الأوصال بدون رأس للجمهورية والمؤسسات الدستورية مفككة، ولكننا مؤمنون بأن الثقافة هي التي تبني الأوطان وتعكس صورة الإنسان الحضارية في ارضه محملة بالتراث والتقاليد، ونحن مصممون على العمل قدما في إظهار صورة لبنان الحضارية والثقافية".

وتساءل: "أفليس في زمن الصعوبات يظهر الأقوياء للدفاع عن معتقداتهم وإيمانهم بوطنهم؟ أفليس في زمن الخرب والانكسار يظهر الشجعان ليدافعوا عن ما اكتنزوه من ثروات وقيم واخلاق؟ أفليس في زمن المبالة يظهر المثقفون والفلاسفة والمفكرون ليدافعوا عن الحق ونصرة المظلومين؟".

ورأى بو عبود أنّ "الفن هو التعبير الأسمى عن روح الإنسان، والتكنولوجيا هي الأداة التي تفتح لنا آفاقًا جديدة لتحقيق هذا التعبير. إن دمج هذين المجالين يمكّننا من الوصول إلى مستويات غير مسبوقة من الإبداع والابتكار. فالفن يعبر عن تجاربنا الإنسانية ومشاعرنا العميقة، والتكنولوجيا توفر لنا الوسائل لتحقيق هذا التعبير بطرق جديدة ومبتكرة".

وركّز على أنّ "هذا المؤتمر يمثل منصة حيوية لتبادل الأفكار والخبرات بين الفنانين والمبدعين والتقنيين. نحن هنا لنتعلم من بعضنا البعض، ونتشارك رؤى جديدة تساهم في نهضة مجتمعنا وتطوره"، داعيًا الجميع إلى "الاستفادة القصوى من هذه الفرصة الفريدة، والعمل معًا على تطوير مشاريع تدمج بين الفن والتكنولوجيا، مشاريع قادرة على إحداث تغيير حقيقي وملموس في حياتنا".