اشارت وسائل إعلام إسرائيلية الى وجود "فجوة كبيرة" بين التهديدات التي يطلقها وزراء وضباط إسرائيليون حول "ضرورة" توسيع الحرب ضد لبنان وتوجيه "ضربة ساحقة" إلى حزب الله، وبين الأمور التي تقال خلال مداولات أمنية "غير معلنة" حول عدم الدخول في حرب واسعة ضد حزب الله.

وبرزت بين التهديدات التي أطلقها ضباط في هيئة الأركان العامة، أقوال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، أول من أمس، إنه "نقترب من النقطة التي سيتوجب فيها اتخاذ القرار، والجيش جاهز ومستعدّ جدا لهذا القرار. نحن نهاجم حزب الله على مدار ثمانية أشهر، حيث يدفع حزب الله ثمنًا باهظًا جدًّا".

ولفت المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن هذه التهديدات ليست عفوية، وإنما تصدر بهدف التغطية على إخفاق الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة، والذي باستثناء القتل الواسع والدمار الشامل لم يحقق أيا من أهداف الحرب، بالقضاء على حماس وإعادة الاسرى في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول.

وكتب هرئيل أنه "يبدو أن قسما من أعضاء هيئة الأركان العامة، الذي يتواجد حاليا في حضيض صعب على خلفية التحقيقات بالحرب وقرارات رئيس أركان الجيش المختلف حولها بشأن تعيين ضباط كبار، يرصدون نقطة خروج محتملة. وبدلا من التوحل في المصيدة الغزية، ستنزل إسرائيل ضربة ساحقة على حزب الله وتبدأ بإملاء سير الأحداث".

وأضاف أن "الخطر هو طبعا بألا تتمكن إسرائيل من السيطرة على ارتفاع ألسنة اللهيب. ففي الجانب الآخر توجد قيادة خبيرة، ورغم راديكاليتها، لا تميل إلى خطوات ليست محسوبة. وعلى الأرجح أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، أجرى أيضا حساباته، ويستعد لسيناريوهات. ومناورات التخويف المتبادلة، عند حافة الهاوية، من شأنها أن تدفع كلا الجانبين إلى الهاوية".

وتابع هرئيل أن "لا عزاء بالدمار المتوقع لدولة لبنان. سيكون حجمه هائلا، ويستغرق إعماره سنوات كثيرة، لكن لا ينتظر إسرائيل واقع متفائل. فالضرر الذي قد يحدث هنا، لمدن الشمال والوسط، لن يكون مشابها لأي شيء شهدناه من جانب حماس".

وحذر هرئيل من أن "الجيش الإسرائيلي سيصل إلى مواجهة كهذه بعد ثمانية أشهر من حرب قاسية، تسببت بتآكل قدرته، وقدرته على الصمود ووسائل واحتياطي (عتاد وذخيرة) الوحدات. كما يتعالى السؤال إذا ستكون تسوية يتم التوصل إليها في نهاية الحرب، في حال تفوق الجيش الإسرائيلي، شبيهة جدا بما يقترح الأميركيون والفرنسيون الآن" بالتوصل إلى تسوية دبلوماسية تشمل إعادة ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان، وانسحاب قوات حزب الله بضع كيلومترات عن الحدود وليس من جنوب لبنان كله.

وأشارت الصحيفة نفسها إلى أنه خلافا "للتصريحات الجوفاء" التي يطلقها الوزيران الإسرائيليان المتطرفان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بشن حرب واسعة على لبنان، فإن "صناع القرار لا يريدون أبدا رؤية إسرائيل تتدهور إلى حرب شاملة مع حزب الله – وبالتالي مع إيران – والتي تعني دمارا بحجم غير مسبوق في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ومن شأنه أن يقود إلى أسابيع من فوضى عارمة، وفقا لوزراء".

وأضافت أن "قسما من صناع القرار يشكك في إدراك معنى خطوة كهذه من جانب الذين يدعون إلى ’ضربة ساحقة بلا كوابح على حزب الله’، ولمستوى الوعي حيال الدَين الذي سيُجبى من الجبهة الداخلية إثر دعوات كهذه".

وأشارت الصحيفة إلى أن وزراء إسرائيليين يشددون على أن إنهاء مرحلة القتال المكثف في رفح وإخراج صفقة وقف إطلاق نار وتبادل أسرى إلى حيز التنفيذ، "من شأنه أن يرفع احتمالات إنهاء الاحتكاك بين إسرائيل وحزب الله باتفاق سياسي، الذي بالرغم من أن احتمالات ذلك الآن تبدو أنها تتراجع، لكن الجانبان لن يواجها صعوبة بالتوصل إليه".