وجه عميد "اتحاد جمعيات العائلات البيروتية" النائب السابق محمد الأمين عيتاني، كتابا مفتوحاً إلى محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود، بعنوان "قبل أن يصبح النزوح حلالا"، جاء فيه: "تعرفون دون شك أن الجميع يتغنى بمنطقة رأس بيروت، ويعتبرونها نقطة الالتقاء بين جميع مكونات الوطن الواحد. لا فضل لمواطن فيها على مواطن، إلا ما يقدمه لخير أهالي تلك المنطقة وسكانها. ومن المؤكد ايضاً أن القلب النابض لرأس بيروت هو شارع الحـمراء، يصل شرقها بغربها ويشغله أناس على قدر كبير من المواطنية الصادقة وتجمعهم ايضاً المحبة والطوق إلى العيش الكريم النظيف، بعيداً عن النفايات المؤذية والروائح الكريهة المؤلمة.

وتتسابق منطقة رأس بيروت، في جميع شوارعها، والحمراء على وجه الخصوص، مع مختلف مناطق العالم حضارة وثقافةً وعلماً وفنا، بوجود المكتبات والجامعات ودور العلم، التي تتمتع بحرية لا حدود لها، واهتماما واضحـا شعبيا ورسميا حتى في ادق التفاصيل مما ساهم في اعطاء هذا الشارع رونقا خاصا وشهرة محلية وعربية، ودفع رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري بحضوري ان يُصر على إعادة ترميم هذا الشارع (وتبليطه) بالبازلت الأسود لإعطائه ما يستحق من الأهمية السياحية والسمعة الطيبة.

شارع الحمراء، هو اليوم سجن كبير تقطنه أفواج من النازحين السوريين وغير السوريين، التي جعلت من أرصفته متجراً، ومن أرضه مسرحاً، ومن زواريبه ملهى ليلياً للفقراء وحتى سوقاً مفتوحاً، لمن يحض على ما يُجنبه الدين، بأسعار مغرية. وشارع الحمراء ايضاً أصبح حماما ومرحاضا لسائر هؤلاء النازحين، كباراً وأطفالاً، حتى الشجيرات الخضراء التي تُزّين ضفتي الشارع اصحبت صفراء شاحبة عطشى مهددة باليباس. أعرف ألمك وتأثرك وأعرف ايضاً أن ما أريد منه شبراً، تريد منه متراً. وأنك أمام جبل نزوح هائل لم تعطك الدولة سوى ملعقة شاي صغيرة لإزالة جبل الذل وإعادة التألق لشارع يتمتع بالعزة والكرامة وحسن الضيافة. وجميعنا يدرك أن للعطاء والمساعدة حدوداً معروفة، يجب أن لا تلامس قدرة اللبنانيين على مد يد العون للنازحين، ولا أن تتخطى حجم استيعابهم.

فالمطلوب العمل الدؤوب والسريع الى اعادة الشارع الى وضعه الطبيعي والحرص على عدم تمدده او استقبال "نزلاء" جدد تحت اي ذريعة، واستحداث نقطة امنية خاصة بهذا الشارع رغم قربه من فصيلة رأس بيروت التي لم تقصّر في العمل بصدق وامانة ضمن الامكانات المتواضعة لحين نجاح من يسعى بالمفاوضات لعودة سليمة وسريعة للنازحين، حتى لا يتحول النزوح واقعا دائما، وهذا ما لا نطمح اليه ولا ونريده.

لسنا نريدك ان تأمر بتوجيه قوات الأمن لإخراج من سكن الحمراء دون مسوغ أو رجاء، وأن لا تترك العائلات البيروتية تواجه قدرا محتوما فُرض عليها وحتى لا يُنتج النزوح نزوحا ثانيا للأبرياء من أصحاب المحال التجارية ورجال الأعمال، نطلب من سعادتكم، في حدود ما تبقّى من إمكانات، حماية وإزالة المخالفات وإعادة ترتيب هذا الشارع الذي لم يبق له باب ولا شباك. فقد أضحى شارع الحمراء مستباحا. سعادة المحافظ انها لحظات تاريخيّة يمر بها هذا الشارع الذي يعتبر عنواناً للعيش المشترك، ولا أجد عذراً لمن يضع العراقيل في وجه إعادته لسابق عهده".