بين التيولوجيا والانتربولوجيا علاقة وثيقة لفهم الدلالات والمدلولات المكونة للذات البشرية، ففي كل جزء او عنصر من الكائن البشري موجود في الانسان وكل الكائن البشري la totalité de l’etre، فقَلْب يسوع دلالة على كل جسده ووجهه دلالة على كل كيانه، لا تجزئة ولا تفريق ولا تقسيم ولا تقطيع والكل يدل على الجزء يحتوي على الكل.
لذلك نحن عندما نكرم او نعبد او نصلي لقلب يسوع او لوجهه المقدّس أو للجرح السادس، فاننا نكرم يسوع بكليّته جسدا وروحا واذا كرمنا يسوع طفل براغ فاننا نكرم ونعبد كل شخص يسوع المتجسد.
فالتيولوجيا والانترولوبجيا تلتقيان وتقولان لا تقطيع او تقسيم او تجزئة في جسد الرب يسوع.
كنت طفلا صغيرا: خفت ان يقع قلب يسوع من صدره
في كنيسة بلدتي الشبانية في المتن الاعلى يوجد تمثال جميل لقلب يسوع كنت اركع امامه في طفولتي واخاف ان يقع قلبه من صدره ويأخدني البكاء، وكان في الشيبانية اخوية من الرجال مكرسّة لقلب يسوع وكانت تسحرني راية قلب يسوع الّتي يسير خلفها شبان القرية وعلى اكتافهم شارة حمراء مكتوب عليها اخوية قلب يسوع، وتسير في ميدان الشبانية وايام الاحتفالات والمناسبات والمآتم وتمتلئ ساحة القرية بنشيد قلب ربي فيك قلبي ذاب شوقا وانضنى.
طبعت طفولتي هذه المشاهد. في أحد الايام ذهبت مع اخي جورج لنصلي امام قلب يسوع وكان ذلك في شهر حزيران المخصص لقلب يسوع. فاخذت "بكرة اللاصق" معي ولدى وصولنا امام التمثال وركعنا لنصلي طلب مني اخي جورج ان اضم يدي للصلاة، وتفاجأ بانني احمل "بكرة اللاصق" في يدي فسألني "لشو هيدي جايبها معك على الكنيسة" فقلت له: اريد لصق قلب يسوع بصدره حتى لا يقع، فرد عليّ قائلا: انه الحب يا اخي لا تخف انه الحب وقلب يسوع سيبقى في صدره الى الابد.
اننا عندما نكرم قلب يسوع فاننا لا نجزّء الرب يسوع بل نكرم الشخص كله وكليا، وكذلك عندما نكرم الوجه المقدس فاننا نكرم الكل وليس الجزء، ولا تجزئة في جسد الرب وفي قلبه المطعون بالحربة حيث جرى منه دم وماء، والقلب هو مصدر العاطفة والاحساس والعطف كالحب والبغض والرحمة والقساوة.
الراهبة مرغريتا ماريا الاتوك التي ظهر لها المسيح وقال لها "هذا هو القلب الذي احب العالم حتى بذل نفسه من اجلهم"، وامرها بأن تخصص له يوم الجمعة بعد الايام الثمانية من عيد القربان الاقدس ليكون عيدا مخصصا لتكريم قلبه يتناول فيه المؤمنون القربان، ليصوموا عمّا ألَمّ به من الهوان والاحتقار. الكائن البشري كائن ممزق يشتاق للكمال بلقائه بالكامل الالهي الا وهو ابن الله يسوع هذا هو الشفاء بالحب الالهي.
ولقد اثبت البابا اينوسينسيوس الثاني عشر 1675 هذه العبادة.
اما في الكنيسة المارونية فقد ابتدأت هذه العبادة في حلب في كنيسة مار الياس سنة 1691، فليقدس القلب الالهي قلوبنا ويشفي القلوب المريضة وليفض علينا مع دمه ومائه بحر النعم والبركات.
يا قلب يسوع المجروح بالحربة يا نبع الحب الالهي وبحر النعم الفائض دما وماء قدسنا قدس بيوتنا وعائلاتنا واشفِ مرضانا خفف اوجاعنا ووفّقنا في جميع اعمالنا واعطنا الصحة والعافية والعمر الطويل امين.
شفاء ظمأنا بالحب والكمال والخلاص من تمزّقنا الوجودي وعطشنا الى التألّه لا شفاء له الا باعتمادنا بالماء والدم الاقدسين الجاريين من قلب يسوع المطعون بالحربة وهو معلق على الصليب لفدائنا، هذا الوضع الكياني من معطوبية وجودنا وكياننا la Brisure de notre existence et de notre etre. لا يشفيه الا لمسة من حب قلب يسوع فنلعبده اذا ونصلي له.