على وقع الجولة التي يقوم بها المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين على إسرائيل ولبنان، بعد أن كانت المواجهات على الجبهة الجنوبيّة، قبل حضوره، قد شهدت إرتفاعاً كبيراً في وتيرتها، عكست الأيام الماضية مشهداً إضافياً يعمّق من أزمة تل أبيب، بالنسبة إلى هذه الجبهة، يتمثل في الزيارات التي قام بها سكان القرى الحدوديّة لها خلال عطلة عيد الأضحى، رغم إستمرار الخطر التي تشكله الإعتداءات الإسرائيلية.

هذه الزيارات، التي جاءت مع تراجع حدة المواجهات العسكرية، عكست معادلتين أساسيتين، بحسب ما تؤكد مصادر "النشرة"، الأولى هي أن "حزب الله"، الذي لم يعلن خلال هذه العطلة عن تنفيذ عمليات عسكرية، يتحكم بالمسار العام على هذه الجبهة، عبر عنه الصحافي الإسرائيلي جاكي حوجي، بالإشارة إلى أنّ سبب انخفاض وتيرة التصعيد هو عيد الأضحى وليس زيارة هوكشتاين، أما الثانية فهو أنّ سكان هذه القرى لن يترددوا في العودة إليها، عند لحظة وقف إطلاق النار، في مشهد يعيد إلى الأذهان ما حصل بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي في تموز من العام 2006.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع لا يمكن تجاهله من الجانب الإسرائيلي، خصوصاً أن القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب تعاني من الضغوطات التي تمثلها أزمة سكان المستوطنات الشماليّة، الذين لا يكتفون بالتعبير عن قلقهم من الواقع الحالي، بل على العكس من ذلك يؤكّدون أنهم لن يعودوا إلى تلك المستوطنات في حال إنتهاء الحرب، ما لم يتم التعامل مع ما يعتبرونه تهديداً يمثله الحزب، حيث الخوف من تكرار ما حصل في السابع من تشرين الأول الماضي.

وتذكر المصادر نفسها بأنّ التهديدات الإسرائيليّة المتكرّرة، بالذهاب إلى عدوان شامل على لبنان، تعود بشكل أساسي، إلى واقع سكان تلك المستوطنات، حيث هناك من يعتبر أن من الضروري معالجة هذه الأزمة قبل بداية فصل الخريف المقبل، أي قبل بداية العام الدراسي الجديد، لأنّ إستمراره يعني أنهم سيكونون مضطرين إلى البقاء نازحين في أماكن أخرى لعام إضافي.

في هذا الإطار، تؤكد مصادر معنية، عبر "النشرة"، أنه خلال فترة العيد كان هناك ما يشبه الهدنة غير المعلنة بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، فكان الجنوبيون على موعد مع زيارة قراهم لأداء صلاة العيد وزيارة القبور، وقد قامت بعض البلديات بإرسال بيانات إلى أبنائها لإبلاغهم بمواعيد الزيارات، التي كانت منسّقة مع الجيش اللبناني، الذي نسق بدوره مع قوات "اليونيفيل"، التي تولت الحديث مع الجانب الإسرائيلي.

وتشير هذه المصادر إلى أن زيارة الجنوبيين لقراهم أظهرت حجم رغبتهم بالعودة، التي يدركون أنها لن تحصل قريباً ربما، سواء بسبب استمرار الحرب أو بسبب الحاجة ما بعدها إلى إعادة الإعمار وتوفير الظروف الإجتماعية والإقتصادية المناسبة للعودة، ولكن الزيارات كانت لتأكيد تمسك هؤلاء بأرضهم، التي لن يتركوها تحت أي ظرف من الظروف، خاصة في ظل ما يُحكى عن رغبة اسرائيليّة بتنفيذ اجتياح برّي جنوبًأ لتشكيل منطقة خالية من السكان وعناصر "حزب الله".

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أنّ ما حصل، في الأيام الماضية، سيكون له تداعياته على أكثر من مستوى في الداخل الإسرائيلي، خصوصاً بالنسبة إلى موقف سكان المستوطنات الشماليّة، إلى جانب تأكيد عجز تل أبيب عن التعامل مع "الخطر" على هذه الجبهة، لكن الأساس يبقى توجيه رسالة حول موقف البيئة الحاضنة، على عكس ما هو الحال في الجانب الآخر من الحدود، حيث التعبير العلني عن عدم الثقة بالقيادتين السياسية والعسكرية.