رأى الخبير في الشؤون الإسرائيلية علي حيدر، في حديث لـ"النشرة"، أن رسالة الهدهد تمثل إنجازاً معلوماتياً غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، مشيراً إلى أنه للمرة الأولى تستطيع جهة عربية، مقاومة أو دولة، أن تقوم بهذا المسح المعلوماتي الدقيق لأهم المنشآت الاقتصادية والصناعية والعسكرية والمدنية لمنطقة مهمة مثل حيفا، حيث كانت إسرائيل تحتل في الماضي سماء فلسطين بلا منازع عربي أو إقليمي.

وأوضح أن المستجد اليوم هو تطور تكنولوجي ما لدى "حزب الله" نجح في أن يخترق التطور التقني الأميركي الإسرائيلي وأن يحقق هذا الإنجاز، لافتاً إلى أن خطورته بالنسبة إلى الإسرائيلي تكمن بأن الأسلحة الدقيقة التي يمتلكها الحزب بأنواعها الثلاث: المسيّرات أو الصواريخ الجولة أو الصواريخ البالسيتية، تحتاج إلى معلومات وإلا تصبح عمياء، حيث تبين للإسرائيلي أن الحزب يملك قاعدة بيانات عن أهداف إسرائيلية إستراتيجية بالتفصيل.

وأشار حيدر إلى أن الأهم من التصوير الذي حصل هو تشخيص كل منشأة وما هو دوره وما هي، معتبراً أن ذلك يتطلب جهداً أكبر من التصوير، مضيفاً: "نحن شاهدنا ثمرته الآن، لكن كيف تم التوصل إليه وما هي الإنجازات التي حققها شباب المقاومة، أمر قد يبقى من الأسرار على الأرجح".

وأوضح حيدر أن ما حصل في مضمونه وسياقه وتوقيته رسالة مدوية، لافتاً إلى أن الحدث يتصدر الصفحات الأولى لأغلب الصحف العبرية الأساسية، التي رأت فيه تهديداً كبيراً لإسرائيل، كما أن هناك أسئلة كبيرة ودعوات للتحقيق فيما حصل، لكنه رجح أن يحاول الإعلام الإسرائيلي أن يقلل من أهمية الحدث كي يحد من تأثيره على الجمهور.

وشدد حيدر على أن ما يمكن التأكيد عليه هو أن "حزب الله"، في مقابل التهديدات الإسرائيلية والتهديدات التي نُقلت إلى لبنان، يؤكد أن المقاومة ولبنان ليسا في موقع الضعيف، وبالتالي هي قادرة على إلحاق أكبر الخسائر في المنشآت الإستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة أي حماقة قد ترتكبها تل أبيب، وهي رد على كل التهديدات التي تراكمت في الفترة الماضية، بشكل مفاجئ للإسرائيلي، موضحاً أن الإسرائيلي هو أكثر من يدرك المعنى العملياتي لهذه المعلومات ومخاطرها على العمق الإسرائيلي والأمن القومي الإسرائيلي.

كما لفت حيدر إلى أن ما حصل رسالة بأن لبنان ليس أمام خيارين فقط: الحرب أو الخضوع للمطالب الإسرائيلية التي نقلها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، بل هو في موقع القوي الذي يملي القواعد ويحدد المعادلات، وعلى الآخرين التعامل معه من هذا المنطلق.

ورداً على سؤال حول تشبيه ما حصل بالمسيّرات التي أرسلت فوق حقل كاريش قبل توقيع إتفاق الحدود البحرية، أشار إلى أنها تتقاطع مع هذا الحدث في بعدها الردعي، رغم أن الظروف مختلفة والحدث أكبر، أما مفاعيله الحقيقية فهي يجب، وفق حسابات المنطق، أن تؤدي دوراً ردعياً، أما إذا أقدمت تل أبيب، بعد هذه الرسالة، على إرتكاب حماقة ما، فهذا يعني أن القرار متخذ من قبل إسرائيل والولايات المتحدة بشن عدوان على لبنان، لأن مثل هكذا قرار هو أميركي وليس إسرائيلياً، لأن تل أبيب لا تملك القدرة على خوض معركة كبرى مع لبنان من دون مشاركة مع واشنطن، وليس فقط دعمها.