على الرغم من كل ما طُرح عن تهديدات إسرائيلية، تولى المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين نقلها إلى الجانب اللبناني، خلال زيارته إلى بيروت، إلا أن الأمور لا تزال ضمن المعادلات الماضية، التي تحول دون المواجهة الواسعة أو الشاملة، على عكس ما حاول البعض الترويج له في المرحلة الأخيرة.

في هذا السياق، يبدو أن هناك تسليماً من الجانب الأميركي بمعادلة ربط جبهة جنوب لبنان بجبهة غزة، التي يتمسك بها "حزب الله" منذ اليوم الأول لدخوله على خط المواجهات العسكرية في الثامن من تشرين الاول الماضي، وهو ما كان أساس الطرح الذي حمله معه هوكشتاين في الجولة التي قام بها على بيروت وتل أبيب.

وتكشف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن المستشار الرئاسي الأميركي كان يسعى إلى ضبط وتيرة المواجهات العسكرية الحالية أكثر من العمل على وقفها بشكل كامل، نظراً إلى أنه كان يدرك أنه لا يستطيع أن يطلب من "حزب الله" ذلك، على إعتبار أن الجواب معروف مسبقاً، ولا يحتاج إلى الكثير من الشرح من جديد.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الإدارة الأميركية تعتبر أن الفرصة لا تزال سانحة للوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، ما ينعكس تلقائياً على الأوضاع في الجنوب، خصوصاً أن الإتصالات التي يقوم بها هوكشتاين قطعت شوطاً طويلاً، وبالتالي ليس هناك من موجبات تفرض على تل أبيب الذهاب إلى عمل عسكري، في حال تم وقف العمليات العسكرية في غزة، على عكس كل التهديدات التي تطلقها.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، طالما أنّ الولايات المتحدة لا تدعم إسرائيل في أيّ عدوان ضد لبنان، فهذا يعني أن الثانية لن تقدم على ذلك، نظراً إلى أنها عاجزة عن القيام بهكذا خطوة، وإلا لكانت بادرت إليها منذ أشهر، وتشدد على أن واشنطن لا تزال عند هذا الموقف، بدليل إيفادها هوكشتاين إلى المنطقة، بالرغم من أنه كان يربط العودة بالوصول إلى إتفاق، حيث توضح أن الهدف هو منع التصعيد غير المضبوط، حتى ولو كان ذلك سيقود إلى إستمرار المواجهات ضمن الحدود نفسها.

في هذا الإطار، توضح مصادر أخرى، عبر "النشرة"، أنه على الرغم من العقبات التي لا تزال تحول دون التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، إلا أن الجهود مستمرة لتحقيق هذه الغاية، وتلفت إلى أن واشنطن تسعى، من خلال بعض الجهات الإقليمية، إلى تليين موقف حركة "حماس"، بعيداً عن الموقف الإسرائيلي الحالي، حيث هناك قناعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لا يريد الوصول إلى أي إتفاق.

ولا تستبعد هذه المصادر، في حال بادرت "حماس" إلى التقدم خطوة إلى الأمام، أن تعمد إدارة الرئيس الأميركي إلى ممارسة ضغوط على نتانياهو لدفعه إلى خطوة مماثلة، خصوصاً أن هذه الإدارة تعتبر أن الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار مصلحة إستراتيجية لها، من الممكن أن يتم الإستفادة منها في السباق إلى البيت الأبيض، لا بل هي قد تكون الورقة الوحيدة التي قد تساعد بايدن على تحسين واقعه الإنتخابي.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة على هذا الصعيد، خصوصاً أن تل أبيب تتحدث عن إنتهاء العمليات العسكرية في مدينة رفح في وقت قريب، الأمر الذي قد يؤدّي إلى تصعيد في المواجهات على مختلف الجبهات، لكنّها تشدّد على أن فرص الوصول إلى تسوية، على قاعدة غزة أولاً، لا تزال قائمة بقوّة.