لم تكن صدفة إدخال "حيفا" في معادلة الحرب الدائرة حالياً في جنوب لبنان، فهذه المدينة يضعها حزب الله مقابل توسيع الحرب جنوباً، فإذا فكّر الإسرائيلي بالدخول في مواجهات عسكرية واسعة أو ما يُعرف بالأيام القتاليّة في منطقة جنوب الليطاني وشماله فستكون حيفا هدفاً مشروعاً للحزب.
مسحت طائرة "هدهد" مَشاهد لمنشآت استراتيجية، عسكرية ومدنية، استكمالاً للمعادلة التي رسمها الحزب بأنّ التدمير سيُقابل بالتدمير والتوسيع بالتوسيع والمدني بالمدني، كما مسحت الطائرة المسيّرة منشأة صناعات عسكرية تابعة لشركة "رافايال" لتطوير أنظمة الدفاع الجوي، وهذا أخطر ما حمله الفيديو بالنسبة للإسرائيليين، كذلك مرفأ حيفا العسكري والسفن الحربية فيه.
بحسب مصادر متابعة فإنّ خطورة التسجيل المصوّر التي حمل عنوان الحلقة الأولى بالنسبة إلى الإسرائيلي تكمن بأنّ كل ما تحتاجه الصواريخ والأسلحة الدقيقة لدى الحزب أصبح متوافراً، فتحديد الهدف بأهميّة إصابته، لذلك كانت المشاهد دليل للإسرائيلي أنّ حزب الله يمتلك قاعدة بيانات عن أهداف إسرائيلية إستراتيجيّة بالتفصيل المملّ، وهنا لا بد من الإشارة الى دقّة هذه المعلومات.
تُشير المصادر الى أن الهدهد تمكنت من التصوير رغم محاولة اعتراضها من قبل أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيليّة، والحجّة التي ألقاها الجيش الاسرائيلي امام جمهوره لم تقنع أحداً، فهو قال أنه علم بوجود الطائرة وأنها للتصوير ولم يستهدفها لعدم خلق رعب وبلبلة في أجواء حيفا، أو حصول أضرار في المكان جراء الصواريخ الاعتراضيّة، كاشفة أن الطائرة لم تكن في زيارتها الاولى ولن تكون زيارتها الاخيرة أيضاً، فالحزب يمتلك مشاهد إضافية في أماكن اخرى ونشرها يتطلب اللحظة المناسبة.
لا يكفي لتكون المشاهد مدجّجة بالرسائل أن تصور الطائرة وتعرض الصور، فبحسب المصادر لا بد من التوقف عند القدرات الاستخباريّة لحزب الله على الأرض الاسرائيليّة، فتصوير الأماكن يختلف عن تحديد هويّتها، وهو تمكن من تحديد هويّة الأهداف بدقّة حتى تلك الموجودة تحت الأرض، وهذا يدل على وجود عيون له داخل الكيان الاسرائيلي، وهذه أيضاً من الرسائل التي أقلقت الاسرائيلي.
ترى المصادر أنّ المشاهد هذه كافية لوحدها أن تشكل ردعاً لاسرائيل، داعية الى تخيّل السيناريو التالي: تتخذ تل ابيب قراراً بتوسيع الحرب في الجنوب أو شن عملية عسكرية كبيرة جنوباً، فيقرر الحزب الردّ بحسب مستوى التصعيد، ويتم استهداف المنطقة الحيويّة في حيفا بوابل من الصواريخ العادية لتشتيت عمل المنظومات الدفاعيّة، وبالتزامن يتمّ إطلاق مسيرات انقضاضيّة على أهداف تتعلق بالقبّة الحديديّة ومقلاع داوود، فعندها تكون الدفاعات الجوية مشغولة بالتصدي ومعرضة للاستهداف المباشر كما حصل أكثر من مرّة، عندها يُطلق حزب الله عشرات الصواريخ الدقيقة المجنّحة التي تحمل رؤوس متفجّرة كبيرة نحو أهداف محدّدة في ميناء حيفا ومحيطه، وتُشير المصادر الى أنّ هذا السيناريو لم تراه اسرائيل من قبل وهي تُدرك أنها ستعيشه بحال قرّرت الدخول في حرب واسعة.
كان فيديو الهدهد مخصّصاً للردّ على التهديدات الاسرائيليّة بشنّ حرب على الجنوب، أما بحال كانت الحرب شاملة على لبنان فعندها ستكون الأهداف أبعد من حيفا بكثير وكما يمتلك حزب الله قاعدة بيانات دقيقة للمدينة وشمال اسرائيل يمتلك مثلها لباقي المناطق وعلى رأسها تل أبيب.