تأتي حملات المقاطعة لبضائع اجنبية تعبيراً عن رفض المقاطعين لسياسات او توجهات مالكي او ادارات الشركات. لكن تحقيق نتائج المقاطعة خاضع لمقاييس:

اولاً، امتلاك الشركة الأم لكل الفروع بشكل مباشر، بحيث تعود كامل الارباح لها، وهو ما يعيد حسابات تلك الشركات بخصوص قرارتها.

ثانياً، احتساب اعداد المقاطعين، وامكانية تأثيرهم على مسار الشركات المعنية، فلا يمكن ان تؤثر دولة واحدة أو دولتان لا يتعدى عدد سكانهما عشرة ملايين، على قرارات شركة عالمية تبيع لكل الدول.

ثالثاً، إلى اي مدى هناك تقبّل عام لفكرة مقاطعة اي مُنتج؟ خصوصاً إذا كان المُنتج مطلوباً شعبياً.

كل ذلك، يفيد ان حملة مقاطعة شركة "​بيبسي​" في ​لبنان​ التي هي شركة لبنانية، لن يؤثر على قرارات او توجهات الشركة الأميركية الأم. بإعتبار ان لبنان البلد الذي لا يتجاوز عدد مواطنيه خمسة ملايين نسمة، لا يُعتبر وازناً في السوق الدولية لأي منتج.

لكن المقاطعة الشعبية في لبنان ستترك تداعيات سلبية على عمل الشركة العصريّة اللبنانية التي تُنتج مرطبات بيبسي كولا ومشتقاتها في لبنان، انطلاقاً من ان الشركة توظّف مئات العمال اللبنانيين، وسائقي السيارات، والموزّعين، وتدفع ضرائب للدولة اللبنانية.

هل ينقص لبنان مزيداً من ​البطالة​؟ او تهشيم شركات لبنانية؟.

يمكن للراغبين في مقاطعة منتوجات الشركة المذكورة إلا يشتروها؟ او يستبدلوها بمشروبات اخرى؟ لكن التهجم على العمال اللبنانيين وشاحنات التوزيع، او اجبار الناس على المقاطعة، امر لا يحقّق غاية المقاطعة، بل هو مساهمة في ضرب شركة لبنانية والصناعة المحلية.

امّا ان عنوان المقاطعة فهو ايضاً لا ينسجم مع أسلوب المقاطعين: لماذا لا يُقاطع هؤلاء الشركات التكنولوجية التي تُنتج الهواتف الجوّالة، واجهزة الكومبيوتر، والسيارات، والبرادات والغسالات، والتلفزيونات، وماركات الألبسة وغيرها، وجميعها تتبع الشركات الاجنبية ولا تمتلك مصانع او معامل وشركات محلية؟. ولماذا لا يقاطعون شراء الدولارات بدل اللهاث خلفه، علّ سعره يتراجع ويخفّف أعباء عن المواطنيين الرازحين تحت هول الأزمة الاقتصادية والماليّة الخانقة منذ أكثر من خمس سنوات بدل قطع أرزاقهم، فهل فكر أصحاب الدعوات للمقاطعة أنّ آلاف العائلات ستجوع؟ وكيف سيدعمونهم إذا أقفلت المؤسسات؟ وهذه الدعوات لا تؤدّي الا الى الاستمرار في حالة الانهيار ورفع نسبة البطالة بشكل كبير!.

هل يعلم المُقاطعون ان تلك الشركات التي يستخدمون إنتاجاتها، وخصوصا التكنولوجيّة منها، تقوم بدعم مفتوح لإسرائيل، او ان مالكيها يرتبطون بشكل دائم بإسرائيل؟.

لن تُنتج تلك المقاطعة النسبية في لبنان سوى الضرر المحلي، في وقت تسعى شركات أخرى إلى توظيف الموضوع للترويج لشركات وإنتاجات اخرى. ومن هنا لا يبدو القرار بريئاً، وان كان الناس في تعاطيهم صادقين في رغبتهم تحقيق هدف المقاطعة، التي لا تتوافر حالياً في التعاطي مع شركة "بيبسي كولا" في لبنان.